للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُوَفَّقِ صَاحِبِ التَّصَانِيفِ السُّنِّيَّةِ، وَالْجُيُوشِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِلْإِمَامِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْقَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ، وَكِتَابِ الْعَرْشِ لِلْحَافِظِ شَمْسِ الدِّينِ الذَّهَبِيِّ صَاحِبِ الْأَنْفَاسِ الْعَلِيَّةِ، وَمَا لَا أُحْصِي عَدَّهُمْ إِلَّا بِكُلْفَةٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مَرْعِيٌّ الْكَرْمِيُّ الْحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِهِ (أَقَاوِيلِ الثِّقَاتِ فِي تَأْوِيلِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ) وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الْإِثْبَاتِ بِأَنَّهُ الَّذِي طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْفِطْرَةِ الْعَقْلِيَّةِ السِّلْمِيَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَالَمِ، إِذِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ فِطْرِيٌّ عَقْلِيٌّ وَضَرُورِيٌّ، لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ، قَالُوا: وَلَمْ يَقُلْ قَائِلٌ يَا اللَّهُ، إِلَّا وَجَدَ مِنْ قَلْبِهِ ضَرُورَةً يَطْلُبُ الْعُلُوَّ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ رَفْعُ هَذِهِ الضَّرُورَةِ عَنِ الْقُلُوبِ وَلَا يَلْتَفِتُ الدَّاعِي يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً.

وَأَمَّا الْعِلْمُ بِأَنَّهُ تَعَالَى اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ بَعْدَ خَلْقِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فَهَذَا سَمْعِيٌّ عُلِمَ بِالْوَحْيِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، فَأَخْبَرُوا - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أُمَمَهُمْ بِذَلِكَ.

قَالَ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ (الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلِيُّ) الْحَنْبَلِيُّ - قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ - فِي كِتَابِ (الْغُنْيَةُ فِي الْفِقْهِ) قَالَ: وَهُوَ تَعَالَى بِجِهَةِ الْعُلُوِّ مُسْتَوٍ عَلَى الْعَرْشِ، مُحْتَوٍ عَلَى الْمُلْكِ، مُحِيطٌ عِلْمُهُ بِالْأَشْيَاءِ " {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠]- {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: ٥] " الْآيَةَ، وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بَلْ يُقَالُ إِنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] .

ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي إِطْلَاقُ صِفَةِ الِاسْتِوَاءِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَإِنَّهُ اسْتِوَاءُ الذَّاتِ عَلَى الْعَرْشِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَوْنُهُ (مُسْتَوِيًا) عَلَى الْعَرْشِ مَذْكُورٌ فِي كُلِّ كِتَابٍ أُنْزِلَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أُرْسِلَ بِلَا كَيْفٍ. وَهَذَا النَّصُّ كَلَامُهُ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ فِي الْغُنْيَةِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الْأَوَّلُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يَقُولُونَ بِنَفْيِ الْجِهَةِ، وَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ، بَلْ نَطَقُوا هُمْ وَالْكَافَّةُ بِإِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا نَطَقَ كِتَابُهُ، وَأَخْبَرَتْ رُسُلُهُ، قَالَ: وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ أَنَّهُ تَعَالَى اسْتَوْلَى عَلَى الْعَرْشِ حَقِيقَةً. انْتَهَى.

وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ (مَحَجَّةُ الْوَاثِقِينَ) وَأَجْمَعُوا أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>