للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسَيَّبِ، وَابْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالسُّدِّيِّ، وَالضَّحَّاكِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ: الصَّمَدَ هُوَ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، مَوْقُوفًا أَوْ مَرْفُوعًا فَإِنَّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ حَقٌّ، قَالَ: وَلَفْظُ الْأَعْرَاضِ فِي اللُّغَةِ قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَنَحْوِهَا، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْحَوَادِثِ وَالْمُحْدَثَاتِ قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا يُحْدِثُهُ النَّاسُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَذْمُومَةِ وَالْبِدَعِ الَّتِي لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً، أَوْ مَا يَحْدُثُ بِالْإِنْسَانِ مِنْ نَحْوِ الْأَمْرَاضِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَمَّا هُوَ فَوْقَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ نَوْعُ نَقْصٍ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُ الْمُعْتَزِلَةِ بِقَوْلِهِمْ، مُنَزَّهٌ عَنِ الْأَعْرَاضِ وَالْحَوَادِثِ إِلَّا نَفْيَ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ وَأَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، فَعِنْدَهُمْ لَا يَقُومُ بِهِ عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا مَشِيئَةٌ وَلَا رَحْمَةٌ وَلَا حُبٌّ وَلَا رِضًا وَلَا فَرَحٌ وَلَا خَلْقٌ وَلَا إِحْسَانٌ وَلَا عَدْلٌ وَلَا إِتْيَانٌ وَلَا مَجِيءٌ وَلَا نُزُولٌ وَلَا اسْتِوَاءٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ.

وَجَمَاهِيرُ الْمُسْلِمِينَ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَمِنَ الطَّوَائِفِ مَنْ يُنَازِعُهُمْ فِي الصِّفَاتِ دُونَ الْأَفْعَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَازِعُهُمْ فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ دُونَ بَعْضٍ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُنَازِعُهُمْ فِي الْفِعْلِ الْقَدِيمِ فَيَقُولُ إِنَّ فِعْلَهُ تَعَالَى قَدِيمٌ وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ مُحْدَثًا، انْتَهَى.

وَقَالَ الْوَزْنَنِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ (مِرْقَاةُ الْمُبْتَدِئِينَ، فِي أُصُولِ الدِّينِ) - وَهُوَ شَرْحُ الْمَنْظُومَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْجَوَاهِرِ - مَا مُلَخَّصُهُ: التَّخْلِيقُ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ فِعْلُ اللَّهِ لِاقْتِضَاءِ الْمَفْعُولِ، لِاسْتِحَالَةِ مَفْعُولٍ بِلَا فِعْلٍ، فَفِعْلُهُ تَعَالَى صِفَةٌ لَهُ، فَاسْتَحَالَ دُخُولُهُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ وَنَظَائِرَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَكْثَرَ رِجَالِ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ كَانَتْ كَرَامَاتُهُمْ ظَاهِرَةً مِثْلَ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، وَالْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ، وَالسَّرِيِّ السَّقَطِيِّ، وَمَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، وَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ، وَمَنْ نَشَرَ عِلْمَ الْإِشَارَةِ الْجُنَيْدُ الْبَغْدَادِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِيُّ، وَغَيْرَهُمْ كَانُوا يَصِفُونَ اللَّهَ بِالْفِعْلِ وَالْكَلَامِ وَالرُّؤْيَةِ وَالسَّمْعِ كَمَا يَصِفُونَهُ بِالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ. ثُمَّ حَطَّ عَلَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَنَّهُ أَتَى بِخِلَافِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ. انْتَهَى

وَقَالَ النَّسَفِيُّ فِي عَقَائِدِهِ الْمَشْهُورَةِ: وَالتَّكْوِينُ صِفَةٌ لِلَّهِ أَزَلِيَّةٌ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>