للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ دِينِهِ، أَوْ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِهِ، أَوْ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ عَلَى طَرِيقِ التَّشْوِيهِ، أَوِ الِازْدِرَاءِ عَلَيْهِ أَوِ التَّصْغِيرِ لِشَأْنِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُقْتَلُ مَنْ سَبَّ اللَّهَ، أَوْ رَسُولَهُ، نَقَلَ حَنْبَلٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَوْ تَنَقَّصَهُ وَلَوْ تَعْرِيضًا. قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ: مَا الشَّتِيمَةُ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا؟ قَالَ: نَحْنُ نَرَى فِي التَّعْرِيضِ الْحَدَّ. وُفِي فُصُولِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنِ الْأَصْحَابِ: لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إِنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ لَمْ يُعْلَمْ إِسْقَاطُهُ، وَأَمَّا إِنْ سَبَّ اللَّهَ فَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ ; لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ فِي خَالِصِ حَقِّهِ. ((وَ)) كَـ ((سَاحِرٍ وَسَاحِرَةْ)) مِمَّنْ يَكْفُرُ بِسِحْرِهِ، مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى؛ لِمَا رَوَى جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَعَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ قَالَ: كُنْتُ كَاتِبًا لِجُزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ مِنَ الْمَجُوسِ، وَانْهُوهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ - فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ وَجَعَلْنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَحَرِيمِهِ.

رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ ذِي الْمَحَارِمِ. وَرَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا، وَكَانَتْ قَدْ دَبَّرَتْهَا، فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ. وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا إِنَّ إِسْلَامَهُ لَا يُقْبَلُ بَلْ حُكْمُهُ أَنْ يُقْتَلَ، يَعْنِي بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فِي الدُّنْيَا ((وَهُمْ)) - يَعْنِي الزَّنَادِقَةَ وَالدُّرُوزَ وَالْمُنَافِقَةَ وَنَحْوَهُمْ - يُبْعَثُونَ ((عَلَى نِيَّاتِهِمْ فِي)) الدَّارِ ((الْآخِرَةِ)) فَمَنْ صَدَقَ مِنْهُمْ فِي تَوْبَتِهِ قُبِلَتْ بَاطِنًا، وَنَفَعَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ وَمُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ وَغَيْرُهُمَا، وَقِيلَ: يُقْبَلُ الْإِسْلَامُ وَالتَّوْبَةُ مِنْ كُلِّ مَنْ ذَكَرَ حَتَّى فِي الدُّنْيَا. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ: التَّوْبَةُ مِنْ سَائِرِ الذُّنُوبِ مَقْبُولَةٌ خِلَافًا لِإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِذَا أَظْهَرَ لَنَا الزِّنْدِيقُ التَّوْبَةَ وَالرُّجُوعَ عَنْ زَنْدَقَتِهِ؛ يَجِبُ أَنْ نَحْكُمَ بِإِيمَانِهِ ظَاهِرًا، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - كَافِرًا، قَالَ: وَلِأَنَّ الزَّنْدَقَةَ نَوْعُ كُفْرٍ، فَجَازَ أَنْ تَحْبَطَ بِالتَّوْبَةِ كَسَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>