للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَوَّبَهُ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ فِي شَرْحِ الصُّدُورِ فَإِنَّ ذِكْرَ الْمَلَكَيْنِ هُوَ الْمَوْجُودُ فِي غَالِبِ الْأَحَادِيثِ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ عَلَى الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ وَنَاكُورُ وَرُومَانُ وَقَدْ أَشَارَ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ إِلَى هَذَا فِي أُرْجُوزَتِهِ التَّثْبِيتِ فِي التَّبْيِيتِ بِقَوْلِهِ:

وَقَدْ أَتَى فِي مُرْسَلٍ مُضَعَّفٍ ... أَنَّ السُّؤَالَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَفِي

أَوْ أَرْبَعٍ أُولَئِكَ الِاثْنَانِ ... وَأَلْحَقُوا نَاكُورَ مَعَ رُومَانِ

وَقَدْ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْخَبَرَ بِهِ عِلَّتَانِ الضَّعْفُ وَالْإِرْسَالُ.

(الثَّانِي)

الْمَلَكَانِ اسْمُهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ وَإِنَّمَا سُمِّيَا فَتَّانَيِ الْقَبْرِ لِأَنَّ فِي سُؤَالِهِمَا انْتِهَارًا وَفِي خُلُقِهِمَا صُعُوبَةً قَالَ: وَسُمِّيَا مُنْكَرًا وَنَكِيرًا لِأَنَّ خَلْقَهُمَا لَا يُشْبِهُ خَلْقَ الْآدَمِيِّينَ وَلَا خَلْقَ الْمَلَائِكَةِ وَلَا خَلْقَ الْبَهَائِمِ وَلَا خَلْقَ الْهَوَامِّ بَلْ هُمَا خَلْقٌ بَدِيعٌ وَلَيْسَ فِي خَلْقِهِمَا أُنْسٌ لِلنَّاظِرِينَ إِلَيْهِمَا جَعَلَهُمَا اللَّهُ تَكْرِمَةً لِلْمُؤْمِنِ لِتُثَبِّتَهُ وَتُبَصِّرَهُ وَهَتْكًا لِسَتْرِ الْمُنَافِقِ فِي الْبَرْزَخِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُبْعَثَ. قَالَ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ مُنْكَرٌ بِفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْقَامُوسِ. قُلْتُ وَكَذَا فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ قَالَ: وَمُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ اسْمَا الْمَلَكَيْنِ مُفْعَلٌ وَفَعِيلٌ.

وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ اسْمَ مَلَكَيِ الْمُؤْمِنِ مُبَشِّرٌ وَبَشِيرٌ قُلْتُ: وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ مَأْثُورٍ وَأَنَّى بِهِ فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ لَيْسَ فِيهَا سِوَى مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ السُّيُوطِيُّ فِي أُرْجُوزَتِهِ بِقَوْلِهِ:

وَضَبْطُ مُنْكَرٍ بِفَتْحِ كَافِ ... فَلَسْتُ أَدْرِي فِيهِ مِنْ خِلَافِ

وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ مِنْ صَحْبِنَا ... أَنَّ اللَّذَيْنِ يَأْتِيَانِ الْمُؤْمِنَا

اسْمُهُمَا الْبَشِيرُ وَالْمُبَشِّرُ ... وَلَمْ أَقِفْ فِي ذَا عَلَى مَا يُؤْثَرُ

وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ الرُّوحِ: قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ: لَا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ مَلَائِكَةِ اللَّهِ بِمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَإِنَّمَا الْمُنْكَرُ مَا يَبْدُو مِنْ تَلَجْلُجِهِ إِذَا سُئِلَ وَالنَّكِيرُ تَقْرِيعُ الْمَلَكَيْنِ لَهُ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نُؤْمِنُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَبِمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ. وَرُوجِعَ فِي مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ فَقَالَ هَكَذَا هُوَ. يَعْنِي أَنَّهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>