وَهُوَ لَا يَحْسَبُ أَنَّهُ قَبْرٌ فَإِذَا قَبْرُ إِنْسَانٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْمُلْكِ حَتَّى خَتَمَهَا فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ضَرَبْتُ خِبَائِي عَلَى قَبْرٍ أَنَا لَا أَحْسَبُ أَنَّهُ قَبْرٌ فَإِذَا قَبْرُ إِنْسَانٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْمُلْكِ حَتَّى خَتَمَهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هِيَ الْمَانِعَةُ هِيَ الْمُنْجِيَةُ تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» " قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ الرُّوحِ: رَوَيْنَا فِي مُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ أَلَا أُتْحِفُكَ بِحَدِيثٍ تَفْرَحُ بِهِ؟ قَالَ الرَّجُلُ بَلَى قَالَ اقْرَأْ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١] احْفَظْهَا وَعَلِّمْهَا أَهْلَكَ وَوَلَدَكَ وَصِبْيَانَ بَيْتِكَ وَجِيرَانَكَ فَإِنَّهَا الْمُنْجِيَةُ وَالْمُجَادِلَةُ تُجَادِلُ أَوْ تُخَاصِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّهَا لِقَارِئِهَا وَتَطْلُبُ لَهُ إِلَى رَبِّهَا أَنْ يُنْجِيَهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوَدِدْتُ أَنَّهَا فِي قَلْبِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ أُمَّتِي» ".
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ سُورَةً ثَلَاثِينَ آيَةً شَفَعَتْ فِي صَاحِبِهَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ - تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ» "
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: أَنْكَرَتِ الْمَلَاحِدَةُ وَالزَّنَادِقَةُ عَذَابَ الْقَبْرِ وَسِعَتَهُ وَضِيقَهُ وَكَوْنَهُ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النَّارِ أَوْ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَأَنْكَرُوا جُلُوسَ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ، قَالُوا وَقَدْ وَضَعُوا عَلَى صَدْرِ الْمَيِّتِ زِيبَقًا فَكَشَفُوا عَنْهُ فَوَجَدُوهُ بِحَالِهِ وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ مَلَائِكَةً يَضْرِبُونَ الْمَوْتَى بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ وَلَا وَجَدُوا حَيَّاتٍ وَلَا عَقَارِبَ وَلَا نِيرَانًا وَأَجْنَبُوا وَأَجْلَبُوا مِثْلَ هَذِهِ الْوَسَاوِسِ وَالتُّرَّهَاتِ، وَقَالَ إِخْوَانُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ كُلُّ حَدِيثٍ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعُقُولِ نَقْطَعُ بِتَخْطِئَةِ نَاقِلِهِ، قَالُوا وَنَحْنُ نَرَى الْمَصْلُوبَ عَلَى الْخَشَبَةِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ لَا يُسْأَلُ وَلَا يُجِيبُ وَلَا يَتَحَرَّكُ وَلَا يَتَوَقَّدُ جِسْمُهُ نَارًا، قَالُوا وَمَنِ افْتَرَسَتْهُ السِّبَاعُ وَنَهَشَتْهُ الطَّيْرُ وَتَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ فِي حَوَاصِلِ الطُّيُورِ وَأَجْوَافِ السِّبَاعِ وَبُطُونِ الْحِيتَانِ وَمَدَارِجِ الرِّيَاحِ كَيْفَ يُسْأَلُ؟ وَكَيْفَ يَصِيرُ الْقَبْرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا رَوْضَةً أَوْ حُفْرَةً؟ وَكَيْفَ يَتَّسِعُ قَبْرُهُ أَوْ يَضِيقُ؟ وَأَكْثَرُوا مِنْ هَذَا الْهَذَيَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute