عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، قَالُوا وَإِنَّمَا عُوقِبَ بِهَذَا الْحَبْسِ لِخُرُوجِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَقِيلَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَإِلَى هَذَا الِاعْتِقَادِ أَشَارَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ بِقَوْلِهِ:
وَسِبْطٌ لَا يَذُوقُ الْمَوْتَ حَتَّى ... يَقُودَ الْخَيْلَ يَقْدُمُهَا اللِّوَاءُ
تَغَيَّبَ لَا يُرَى فِيهِمْ زَمَانًا ... بِرَضْوَى عِنْدَهُ عَسَلٌ وَمَاءُ
وَكَانَ السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْقَائِلُ:
أَلَا قُلْ لِلْإِمَامِ فَدَتْكَ نَفْسِي ... أَطَلْتَ بِذَلِكَ الْجَبَلِ الْمُقَامَا
وَجَبَلُ رَضْوَى بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ وَبَعْدَ الْوَاوِ أَلِفٌ كَسَكْرَى هُوَ جَبَلُ جُهَيْنَةَ فِي عَمَلِ الْيَنْبُعِ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى سَبْعِ مَرَاحِلَ وَمَيَامِنُهُ طَرِيقُ الْمَدِينَةِ وَمَيَاسِرُهُ طَرِيقُ الْبَرِّ لِمَنْ كَانَ مُصْعِدًا إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ عَلَى لَيْلَتَيْنِ إِلَى الْبَحْرِ، وَكَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ الْخَبِيثُ الْمَشْهُورُ يَدْعُو إِلَى إِمَامَةِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ الْمُخْتَارُ يَزْعُمُ أَنَّ مُحَمَّدًا هَذَا هُوَ الْمَهْدِيُّ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ كَيْسَانُ لَقَبُ الْمُخْتَارِ الْمَذْكُورِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَامُوسِ أَيْضًا، وَقَالَ غَيْرُهُمَا كَيْسَانُ مَوْلَى عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ إِنَّ كَيْسَانَ تِلْمِيذُ عَلِيٍّ، وَهَؤُلَاءِ الْكَيْسَانِيَّةُ إِحْدَى فِرَقِ الضَّلَالِ كَمَا مَرَّ فِي تَعْدَادِ الْفِرَقِ فَعَلَى عُقُولِهِمُ الدَّمَارُ وَعَلَى أَفْعَالِهِمُ الْبَوَارُ مَا أَضَلَّ عُلُومَهُمْ وَأَبْلَدَ فُهُومَهُمْ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(تَتِمَّةٌ)
جَاءَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ خَيْرٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ قَدْ كَادَ يَفْضُلُ الْأَنْبِيَاءَ. وَجَاءَ عَنْهُ أَيْضًا لَا يُفَضَّلُ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ مِنَ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِمَا عَلَيْهِ بَلْ وَعَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ خِلَافًا لِلرَّافِضَةِ خَذَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ بَلْ غَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ أَفْضَلُ مِنَ الْمَهْدِيِّ.
ثُمَّ يَسْتَمِرُّ سَيِّدُنَا الْمَهْدِيُّ حَتَّى يُسْلِمَ الْأَمْرَ لِرُوحِ اللَّهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُصَلِّي الْمَهْدِيُّ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةً وَاحِدَةً وَهِيَ صَلَاةُ الْفَجْرِ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ الْمَهْدِيُّ عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ الْأَمْرَ إِلَيْهِ ثُمَّ يَمُوتُ الْمَهْدِيُّ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ رُوحُ اللَّهِ عِيسَى وَيَدْفِنُهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَبِمُقْتَضَى مَا مَرَّ يُعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute