كُلُّ شَيْءٍ لَا يَرْتَقِي فِيهِمَا لِعُلُوِّهِمَا وَمَلَاسَتِهِمَا فَأَمَرَ الْإِسْكَنْدَرُ الصُّنَّاعَ فَضَرَبُوا لَبِنَ الْحَدِيدِ طُولُ كُلِّ لَبِنَةٍ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ وَسُمْكُهَا شِبْرٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ سَلَامٌ التُّرْجُمَانُ قَالَ بَعَثَنِي الْوَاثِقُ الْعَبَّاسِيُّ إِلَى السَّدِّ وَضَمَّ إِلَيَّ خَمْسِينَ رَجُلًا وَأَعْطَانَا مَالًا فَمَا زِلْنَا نَنْتَقِلُ فِي الْبِلَادِ وَتَبْعَثُ الْمُلُوكُ مَعَنَا الْأَدِلَّةَ إِلَى أَنْ صِرْنَا إِلَى أَرْضٍ سَوْدَاءَ مُنْتِنَةِ الرِّيحِ فَسِرْنَا فِيهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ صِرْنَا إِلَى مُدُنٍ خَرَابٍ فَسِرْنَا فِيهَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ يَطْرُقُونَهَا ثُمَّ صِرْنَا إِلَى حُصُونٍ بِالْقُرْبِ مِنَ السَّدِّ وَفِيهَا قَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ مُسْلِمُونَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ فَسَأَلُونَا مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمْ؟ قُلْنَا نَحْنُ رُسُلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا قَطُّ، ثُمَّ صِرْنَا إِلَى جَبَلٍ أَمْلَسَ وَفِيهِ السَّدُّ وَهُنَاكَ بَابٌ حَدِيدٌ مِصْرَاعَانِ مُغْلَقَانِ عَرْضُ كُلِّ مِصْرَاعٍ خَمْسُونَ ذِرَاعًا فِي ارْتِفَاعِ خَمْسِينَ فِي ثِخَنِ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ وَقَائِمَتَاهُمَا فِي دَوَّارَةٍ، عَلَى الْبَابِ قُفْلٌ طُولُهُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فِي غِلَظِ ذِرَاعٍ وَارْتِفَاعُ الْقُفْلِ مِنَ الْأَرْضِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَفَوْقَ الْقُفْلِ بِقَدْرِ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ غَلَقٌ طُولُهُ أَكْثَرُ مِنْ طُولِ الْقُفْلِ وَعَلَى الْغَلَقِ مِفْتَاحٌ مُعَلَّقٌ فِي سِلَسِلَةٍ طُولُهَا ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ فِي اسْتِدَارَةِ أَرْبَعَةِ أَشْبَارٍ وَعَتَبَةُ الْبَابِ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ وَرَئِيسُ تِلْكَ الْحُصُونِ يَرْكَبُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فِي عَشَرَةِ فَوَارِسَ مَعَ كُلِّ فَارِسٍ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَيَضْرِبُونَ الْقُفْلَ بِتِلْكَ الْمِرْزَبَّاتِ لِيَسْمَعُوا الصَّوْتَ فَيَعْلَمُوا بِالصَّوْتِ أَنَّ هُنَاكَ حَفَظَةً.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «إِنَّ يَأْجُوجَ مَأْجُوجَ لَيَحْفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَخْرِقُونَهُ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَتَخْرِقُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ أَشَدَّ مَا كَانَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مُدَّتَهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَتَخْرِقُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاسْتَثْنَى قَالَ فَيَرْجِعُونَ فَيَجِدُونَهُ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَخْرِقُونَهُ فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ» ". قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ حِبَّانَ كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ وَرِجَالُ بَعْضِهِمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثُ آيَاتٍ: الْأُولَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَهُمْ أَنْ يُوَالُوا الْحَفْرَ لَيْلًا وَنَهَارًا.
الثَّانِيَةُ مَنَعَهُمْ أَنْ يَحْتَالُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute