التَّحْرِيرَ لِغَيْرِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَدُ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ كَانَ يُلْقَى عَلَيْهِمْ أَعْبَاءُ الْأَمْرِ، أَوِ الَّذِي يَلِي إِمَارَةَ الشَّرْقِ مِنْ بَعْدِ شُعَيْبٍ إِنْ كَانَ هُوَ قَدْ مَاتَ وَيَكُونُ هَذَا يُلَقَّبُ بِالْمُقْعَدِ.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا " لَا «تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِكَ النَّاسَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْجَهْجَاهُ» ".
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ مَرْفُوعًا " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ» ".
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ " وَابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ " «سَتَكُونُ مِنْ بَعْدِي خُلَفَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ أُمَرَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الْأُمَرَاءِ مُلُوكٌ جَبَابِرَةٌ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي الْمَهْدِيُّ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا ثُمَّ يُؤَمَّرُ الْقَحْطَانِيُّ فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا هُوَ دُونَهُ» ".
وَأَخْرَجَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْمَهْدِيَّ يَمْلِكُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَنَةً بَيْتَ الْمَقْدِسِ ثُمَّ يَمُوتُ ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِ تُبَّعٍ يُقَالُ لَهُ الْمَنْصُورُ يَعْنِي الْقَحْطَانِيَّ يَمْكُثُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً. قُلْتُ هَذَا لَا يَلْتَئِمُ أَنْ يَكُونَ هُوَ شُعَيْبَ بْنَ صَالِحٍ التَّمِيمِيَّ لِأَنَّ بَنِي تَمِيمٍ لَيْسُوا مِنَ الْيَمَنِ وَلَا مِنْ قَحْطَانَ وَإِنْ وَافَقَهُ فِي تَلْقِيبِهِ بِالْمَنْصُورِ.
ثُمَّ يُقْتَلُ هَذَا الْقَحْطَانِيُّ ثُمَّ يَمْلِكُ الْمَوْلَى يَعْنِي الْجَهْجَاهَ وَيَمْكُثُ ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ يُقْتَلُ ثُمَّ يَمْلِكُ بَعْدَهُ الْهَيْثَمُ الْمَهْدِيُّ ثَلَاثَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ.
وَهَذَا الْمَهْدِيُّ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَكَأَنَّهُ لُقِّبَ بِذَلِكَ لِحُسْنِ سِيرَتِهِ وَصَفَاءِ سَرِيرَتِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ اعْتِقَادُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ الصَّرِيحَةُ مِنْ وُجُودِ الْمَهْدِيِّ الْمُنْتَظَرِ الَّذِي يُخْرِجُ الدَّجَّالَ، وَسَيِّدُنَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فِي زَمَنِهِ وَيُصَلِّي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلْفَهُ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَهُوَ الْمُرَادُ حَيْثُ أُطْلِقَ الْمَهْدِيُّ.
وَأَمَّا الْمَذْكُورُونَ قَبْلَهُ فَلَمْ يَصِحَّ فِيهِمْ شَيْءٌ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِ فَأُمَرَاءُ صَالِحُونَ لَكِنْ لَيْسُوا مِثْلَهُ فَهُوَ آخِرُهُمْ فِي الْوُجُودِ وَإِمَامُهُمْ وَخَيْرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمُرَادُ غَيْرُ سَيِّدِنَا عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ رَسُولٌ كَرِيمٌ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ وَهُوَ آيَةٌ وَعَلَامَةٌ وَحْدَهُ. فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِنُزُولِهِ، وَيَجِبُ الْإِيمَانُ أَيْضًا بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ اللَّعِينِ، وَأَنَّ سَيِّدَنَا عِيسَى يَقْتُلُهُ بِبَابِ لُدٍّ عِنْدَ بِئْرِ الزِّئْبَقِ، وَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِخُرُوجِ