مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا: «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ» . قَالُوا:
يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ:
أَبَيْتُ، قَالُوا:
أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ:
أَرْبَعُونَ عَامًا؟ قَالَ:
أَبَيْتُ - الْحَدِيثَ، وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَبَيْتُ " فِيهِ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ:
أَوَّلُهَا: امْتَنَعْتُ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ لَكُمْ، وَقِيلَ: أَبَيْتُ أَسْأَلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: نَسِيتُ، وَقِيلَ: إِنَّ سِرَّ ذَلِكَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَسْرَارِ الرُّبُوبِيَّةِ.
وَفِي حَدِيثٍ أَنَّ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ عَامًا، وَفِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الزُّمَرِ مَرْفُوعًا " «إِنَّ اللَّهَ يُرْسِلُ مَطَرًا عَلَى الْأَرْضِ فَيَنْزِلُ عَلَيْهِمْ أَرْبَعُونَ يَوْمًا حَتَّى يَكُونَ فَوْقَهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا، فَيَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَجْسَادَ أَنْ تَنْبُتَ كَنَبَاتِ الْبَقْلِ، حَتَّى إِذَا تَكَامَلَتْ أَجْسَادُهُمْ كَمَا كَانَتْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لِيَحْيَا حَمَلَةُ الْعَرْشِ، لِيَحْيَا جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَعِزْرَائِيلُ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى إِسْرَافِيلَ فَيَأْخُذُ الصُّورَ فَيَضَعُهُ عَلَى فِيهِ، ثُمَّ يَدْعُوا الْأَرْوَاحَ فَيُؤْتَى بِهَا، تَتَوَهَّجُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ نُورًا وَالْأُخْرَى ظُلْمَةً فَيَقْبِضُهَا جَمِيعًا، ثُمَّ يُلْقِيهَا فِي الصُّورِ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَنْفُخَ نَفْخَةَ الْبَعْثِ فَتَخْرُجَ الْأَرْوَاحُ كُلُّهَا كَأَنَّهَا النَّحْلُ قَدْ مَلَئَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:
وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَتَرْجِعَنَّ كُلُّ رُوحٍ إِلَى جَسَدِهَا، فَتَدْخُلُ الْأَرْوَاحُ مِنَ الْخَيَاشِيمِ ثُمَّ تَمْشِي مَشْيَ السُّمِّ فِي اللَّدِيغِ، ثُمَّ تُشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا، فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، فَتَخْرُجُونَ مِنْهَا إِلَى رَبِّكُمْ تَنْسِلُونَ» "، وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ:
«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ " قِيلَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَبَيْتُ، قَالَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ، " يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءٌ فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ، وَلَيْسَ مِنَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى إِلَّا عَظْمٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ مِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ". وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " «أَنَّ فِي الْإِنْسَانِ عَظْمَةً لَا تَأْكُلُهَا الْأَرْضُ أَبَدًا فِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالُوا: أَيُّ عَظْمٍ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: عَجْبُ الذَّنَبِ» ". وَرَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ بِاخْتِصَارٍ، قَالَ:
" «كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ، مِنْهُ خُلِقَ، وَفِيهِ يُرَكَّبُ» ". قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ كَغَيْرِهِ: عَجْبُ الذَّنَبِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute