للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمْ مِنْ مَخَافَةِ مَا عِنْدَهُمْ، مَلَكٌ مَا تَقْطُرُ دَمْعَةٌ مِنْ عَيْنِهِ إِلَّا وَقَعَتْ مَلَكًا يُسَبِّحُ، وَمَلَائِكَةً سُجُودًا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تَجَلَّى لَهُمْ رَبُّهُمْ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ كَمَا يَنْبَغِي لَكَ» " انْتَهَى.

وَالْحَقُّ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ تَعَالَى، بَلْ وَمُؤْمِنُو الْجِنِّ، إِمَّا فِي الْمَوْقِفِ فَجَزْمًا مَعَ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِمَّا فِي الْجَنَّةِ، فَفِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عَلَى مَا يَظْهَرُ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ إِلَّا أَنَّهُمْ دُونَ مُؤْمِنِي الْإِنْسِ فِي الرُّؤْيَةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رُؤْيَةَ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ فِي الْمَوْقِفِ حَاصِلَةٌ حَتَّى لِمُنَافِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَمَّا الرُّؤْيَا فِي الْجَنَّةِ فَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّهَا حَاصِلَةٌ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالصِّدِّيقِينَ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ وَرِجَالِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْبَشَرِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِهِمْ، وَقَدْ جَزَمَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي اللَّطَائِفِ بِأَنَّ كُلَّ يَوْمِ عِيدٍ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ عِيدٌ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ عَلَى زِيَارَةِ رَبِّهِمْ، وَيَتَجَلَّى لَهُمْ فِيهِ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَمَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦] وَيَوْمُ الْجُمُعَةَ فِي الْجَنَّةِ يُدْعَى يَوْمَ الْمَزِيدِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>