وَأُخْنُوخُ - وَهُوَ إِدْرِيسُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ - وَنُوحٌ، وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ هُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ كِتَابًا أَنْزَلَهُ اللَّهُ؟ قَالَ: مِائَةُ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةُ كُتُبٍ، أُنْزِلَ عَلَى شَيْثٍ خَمْسُونَ صَحِيفَةً، وَأُنْزِلَ عَلَى أُخْنُوخَ ثَلَاثُونَ صَحِيفَةً، وَأُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشْرُ صَحَائِفَ، وَأُنْزِلَ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشْرُ صَحَائِفَ، وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْفُرْقَانَ» - الْحَدِيثَ - وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ، وَرَدَّ عَلَى ابْنِ حِبَّانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ لِإِدْخَالِهِ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الصَّحِيحِ. وَفِي كِتَابِ شَرْحِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الرُّسُلِ وَعَدَدِهِمْ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِمْ، وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ الْكَفِّ عَنْ عَدَدِهِمْ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ، قَالَ: وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا عَدَدَ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ، وَأَنَّ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ فِي ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمْ. انْتَهَى.
وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَكَرَ ذَلِكَ إِلْزَامًا لِمَنْ لَمْ يَقُلْ بِزِيَادَةِ الْإِيمَانِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا زِيَادَتُهُ، وَأَنَّهَا غَيْرُ مَحْدُودَةٍ فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ؟ هَلْ تُقِرُّونَ بِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَزْعُمُونَ أَنَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ؟ فَإِذَا قَالُوا نَعَمْ قِيلَ لَهُمْ: هَلْ تَجِدُونَهُمْ وَتَعْرِفُونَ عَدَدَهُمْ؟ أَلَيْسَ إِنَّمَا تَصِيرُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْإِقْرَارِ بِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ تَكُفُّونَ عَنْ عَدَدِهِمْ؟ .
وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ مَعْرِفَةِ عَدَدِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالْكُتُبِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ الْعَقَائِدِ فِي عَقَائِدِهِمْ هَذَا الْعَدَدَ مُعْتَمِدِينَ عَلَى حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عَلَى مَا فِيهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَةُ أَلْفٍ، وَالْمَشْهُورُ فِي الْكُتُبِ أَنَّهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْإِيمَانُ بِهِمْ جُمْلَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر: ٧٨] فَالْوَاجِبُ الْإِيمَانُ بِجَمِيعِهِمْ إِجْمَالًا وَتَفْصِيلًا فِيمَنْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ.
وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - فِي كِتَابِهِ الْجَوَابِ الصَّحِيحِ لِمَنْ بَدَّلَ دِينَ الْمَسِيحِ: أَنَّ بَنَى إِسْرَائِيلَ كَانُوا أَكْثَرَ الْأُمَمِ أَنْبِيَاءً، بُعِثَ إِلَيْهِمْ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ، وَبُعِثَ إِلَيْهِمْ بَعْدَهُ أَنْبِيَاءُ كَثِيرُونَ حَتَّى قِيلَ إِنَّهُمْ أَلْفُ نَبِيٍّ كُلُّهُمْ يَأْمُرُونَ بِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ، وَلَا يُغَيِّرُونَ مِنْهَا شَيْئًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute