قَالَ مِنَ الرَّوَافِضِ بِجَوَازِهَا تَقِيَّةً، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ وُقُوعِ الصَّغِيرَةِ سَهْوًا فَمَنَعَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِنِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ، وَاخْتَارَهُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي نَدِينُ اللَّهَ بِهِ وَأَجَازَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْكَبَائِرِ الْمُوبِقَاتِ، قَالَ: وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى عِصْمَتِهِ مِنْ مُوَاقَعَةِ الْمَكْرُوهِ قَصْدًا. انْتَهَى.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ: وَفِي عِصْمَتِهِمْ مِنْ سَائِرِ الذُّنُوبِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ عَنِ الْكُفْرِ، قَبْلَ الْوَحْيِ وَبَعْدَهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا عَنْ تَعَمُّدِ الْكَبَائِرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْحَشْوِيَّةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ امْتِنَاعَهُ بِدَلِيلِ السَّمْعِ أَوِ الْعَقْلِ، وَأَمَّا سَهْوًا فَجَوَّزَ الْأَكْثَرُونَ، قَالَ: وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَتَجُوزُ عَمْدًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْجُبَّائِيِّ وَأَتْبَاعِهِ، وَتَجُوزُ سَهْوًا بِالِاتِّفَاقِ إِلَّا مَا يَدُلُّ عَلَى الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِحَبَّةٍ، لَكِنَّ الْمُحَقِّقِينَ شَرَطُوا أَنْ يُنْهَوْا عَنْهُ فَيَنْتَهُوا مِنْهُ، هَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْوَحْيِ. قَالَ: وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا دَلِيلَ عَلَى امْتِنَاعِ صُدُورِ الْكَبِيرَةِ، وَذَهَبَ الْمُعْتَزِلَةُ إِلَى امْتِنَاعِهَا، لِأَنَّهَا تُوجِبُ النَّفْرَةَ الْمَانِعَةَ مِنَ اتِّبَاعِهِمْ فَتَفُوتُ مَصْلَحَةُ الْبَعْثَةِ، قَالَ السَّعْدُ: وَالْحَقُّ مَنْعُ مَا يُوجِبُ النَّفْرَةَ كَعَهْرِ الْأُمَّهَاتِ وَالْفُجُورِ وَالصَّغَائِرِ الدَّالَّةِ عَلَى الْخِسَّةِ، وَمَنَعَ الشِّيعَةُ صُدُورَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ مِنْهُمْ قَبْلَ الْوَحْيِ وَبَعْدَهُ وَلَكِنَّهُمْ جَوَّزُوا إِظْهَارَ الْكُفْرِ تَقِيَّةً. انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ (لَمْ يَكُنْ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْبَعْثَةِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، بَلْ وُلِدَ مُسْلِمًا مُؤْمِنًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَمْ يَكُنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى دِينٍ سِوَى الْإِسْلَامِ، وَلَا كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ قَطُّ، بَلْ وُلِدَ نَبِيُّنَا مُؤْمِنًا صَالِحًا عَلَى مَا كَتَبَهُ اللَّهُ وَعَلِمَهُ مِنْ حَالِهِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ: وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِحَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ» " - رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَرَوَى مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute