للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّ قَوْمِي لَا يُصَدِّقُونِي، قَالَ: يُصَدِّقُكَ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ الصِّدِّيقُ» . وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مَوْصُولًا عَنْ أَبِي وَهْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَيُّ النَّاسِ كَانَ أَوَّلَ إِسْلَامًا؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ حَسَّانٍ:

إِذَا تَذَكَّرْتَ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ ... فَاذْكُرْ أَخَاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلَا

خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أَتْقَاهَا وَأَعْدَلُهَا ... بَعْدَ النَّبِيِّ وَأَوْفَاهَا بِمَا حَمَلَا

وَالثَّانِي التَّالِي الْمَحْمُودُ مَشْهَدُهُ ... وَأَوَّلُ النَّاسِ مِنْهُمْ صَدَّقَ الرُّسُلَا

وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ فُرَاتِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ قُلْتُ: عَلِيٌّ أَفْضَلُ أَمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ قَالَ: فَارْتَعَدَ حَتَّى سَقَطَتْ عَصَاهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَبْقَى إِلَى زَمَانٍ يَعْدِلُ بِهِمَا لِلَّهِ دَرُّهُمَا، كَانَا رَأْسَ الْإِسْلَامِ. قُلْتُ: فَأَبُو بَكْرٍ كَانَ أَوَّلَ إِسْلَامًا أَمْ عَلِيٌّ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ آمَنَ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنَ بُحَيْرَا الرَّاهِبِ حِينَ مَرَّ بِهِ، وَاخْتَلَفَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَدِيجَةَ حَتَّى أَنْكَحَهَا إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ عَلِيٌّ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَيْسَرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا بَرَزَ سَمِعَ مَنْ يُنَادِيهِ: يَا مُحَمَّدُ، فَإِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ انْطَلَقَ هَارِبًا، فَأَسَرَّ ذَلِكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي، إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ صَدَقْتَ» ".

قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حُفَّاظِ الْإِسْلَامِ، وَأَئِمَّتِهِمْ: صَحِبَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، لَمْ يُفَارِقْهُ سَفَرًا وَلَا حَضَرًا إِلَّا فِيمَا أَذِنَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُرُوجِ فِيهِ مِنْ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ، وَشَهِدَ مَعَهُ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَهَاجَرَ مَعَهُ، وَتَرَكَ عِيَالَهُ وَأَوْلَادَهُ، رَغْبَةً فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَفِيقُهُ فِي الْغَارِ قَالَ تَعَالَى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: ٤٠] وَأَنْفَقَ مَالَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ أَجْوَدُ الصَّحَابَةِ قَالَ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>