هَذَا الْكِتَابَ فَقَالَتْ {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩] فَقُمْتُ وَاغْتَسَلْتُ، فَأَخْرَجُوا لِي صَحِيفَةً، فَإِذَا فِيهَا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قُلْتُ: أَسْمَاءٌ طَيِّبَةٌ طَاهِرَةٌ، وَفِيهَا: {طه - مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: ١ - ٢] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه: ٨] فَعَظُمَتْ فِي صَدْرِي، وَقُلْتُ: مِنْ هَذَا نَفَرَتْ قُرَيْشٌ؟ فَأَسْلَمْتُ.
وَفِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَالْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ قَالَ: «خَرَجَ عُمَرُ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ تَعْمِدُ يَا عُمَرُ؟ فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ مُحَمَّدًا، قَالَ: وَكَيْفَ تَأْمَنُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي زُهْرَةَ وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا؟ قَالَ: مَا أَرَاكَ إِلَّا وَقَدْ صَبَوْتَ. قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى الْعَجَبِ؟ إِنَّ خَتَنَكَ وَأُخْتَكَ قَدْ صَبَوَا وَتَرَكَا دِينَكَ، فَمَشَى عُمَرُ فَأَتَاهُمَا وَعِنْدَهُمَا خَبَّابٌ، فَلَمَّا سَمِعَ بِحِسِّ عُمَرَ تَوَارَى فِي الْبَيْتِ، فَدَخَلَ عُمَرُ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ؟ وَكَانُوا يَقْرَءُونَ طه، قَالَا: مَا عَدَا حَدِيثًا تَحَدَّثْنَاهُ بَيْنَنَا. قَالَ: فَلَعَلَّكُمَا قَدْ صَبَوْتُمَا. فَقَالَ لَهُ خَتَنُهُ: يَا عُمَرُ إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ؟ فَوَثَبَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَوَطِئَهُ وَطْأً شَدِيدًا، فَجَاءَتْ أُخْتُهُ لِتَدْفَعَهُ عَنْ زَوْجِهَا، فَنَفَحَهَا نَفْحَةً بِيَدِهِ، فَدَمِيَ وَجْهُهَا، فَقَالَتْ وَهِيَ غَضْبَى: وَكَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ عُمَرُ: أَعْطُونِي الْكِتَابَ الَّذِي هُوَ عِنْدَكُمْ فَأَقْرَأْهُ - وَكَانَ يَقْرَأُ الْكِتَابَ -. فَقَالَتْ أُخْتُهُ: إِنَّكَ رِجْسٌ، وَإِنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فَقُمْ وَاغْتَسِلْ أَوْ تَوَضَّأْ. فَقَامَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَخَذَ الْكِتَابَ فَقَرَأَ {طه} [طه: ١] حَتَّى انْتَهَى إِلَى {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] ، فَقَالَ عُمَرُ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ. فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابٌ قَوْلَ عُمَرَ خَرَجَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ يَا عُمَرُ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْخَمِيسِ: " اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَوْ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ " وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدَّارِ الَّتِي فِي أَصْلِ الصَّفَا، فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى أَتَى الدَّارَ، وَعَلَى بَابِهَا حَمْزَةُ وَطَلْحَةُ وَنَاسٌ، فَقَالَ حَمْزَةُ: هَذَا عُمَرُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُسْلِمْ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرُ ذَلِكَ يَكُنْ قَتْلُهُ عَلَيْنَا هَيِّنًا، قَالَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوحَى إِلَيْهِ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى عُمَرَ، فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ وَحَمَائِلِ السَّيْفِ، فَقَالَ: أَمَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ يَا عُمَرُ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ بِكَ مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ مَا أَنْزَلَ بِالْوَلِيدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute