مَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ وَقَدْ وَلَّيْتَ عُمَرَ؟ قَالَ: أَقُولُ لَهُ: وَلَّيْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَهُمْ. أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّ هَلًا بِعُمَرَ، مَا كُنَّا نَعُدُّ أَنَّ السِّكِّينَةَ لَا تَنْزِلُ إِلَّا عَلَى لِسَانِ عُمَرَ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوْ أَنَّ عِلْمَ عُمَرَ وُضِعَ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَ عِلْمُ أَحْيَاءِ الْأَرْضِ فِي كِفَّةٍ، لَرَجَحَ عِلْمُ عُمَرَ، وَلَقَدْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ ذَهَبَ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْحَاكِمُ. وَقَالَ حُذَيْفَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ رَجُلًا لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ إِلَّا عُمَرَ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ الصِّدِّيقِ الْأَعْظَمِ أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ((مِنْ غَيْرِ افْتِرَا)) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْكَذِبِ يُقَالُ فَرِيَ يَفْرِي فَرْيًا وَافْتَرَى يَفْتَرِي افْتِرَاءً أَيْ كَذِبَ فَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْهُ، وَفِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ} [الممتحنة: ١٢] وَفِي الْحَدِيثِ: " «مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِيَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا» ". فَالْفِرَى جَمْعُ فِرْيَةٍ وَهِيَ الْكَذِبَةُ، وَأَفْرَى أَفْعَلُ مِنْهُ لِلتَّفْضِيلِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَوْضِ عِنْدَ قَوْلِهِ: (عَنْهُ يُذَادُ الْمُفْتَرِي كَمَا وَرَدَ) ، وَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ بِأَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ الْفَارُوقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ: مِنْ غَيْرِ افْتِرَا؛ إِشَارَةً لِرَدِّ قَوْلِ الْخَطَّابِيَّةِ الزَّاعِمِينَ بِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَفْضَلُ الْخُلَفَاءِ، وَهَذَا الزَّعْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلصِّدِّيقِ زُورٌ وَافْتِرَاءٌ وَكَذِبٌ وَضَلَالٌ مِنْ زَاعِمِيهِ، نَعَمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَ الصِّدِّيقِ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى رَدِّ قَوْلِ الرَّاوَنْدِيَّةِ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّحَابَةِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالرَّدُّ عَلَى الشِّيعَةِ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ أَفْضَلَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى، وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَالْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ خَيْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَخَيْرُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ، وَخَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ» ". وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute