فَوَاللَّهِ لَا يُقْتَلُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ وَلَا يَفِرُّ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ فَكَانَ كَذَلِكَ، فَقَالَ: اطْلُبُوا فِي الْقَتْلَى رَجُلًا صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا، وَذَكَرَ مِنْ نَعْتِهِ أَنَّ لَهُ ثَدْيًا كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، فَطَلَبُوهُ فَوَجَدُوهُ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَهُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَبَادَهُمْ وَأَرَاحَنَا مِنْهُمْ. فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مِنْهُمْ لَمَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ لَمْ تَحْمِلْهُ النِّسَاءُ بَعْدُ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ فَقَتَلَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَفَرِحَ عَلِيٌّ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ بِخِلَافِ وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ كَانَ يَظْهَرُ مِنْهُ الْحُزْنُ وَالْكَآبَةُ وَالْأَسَفُ. وَمِنْ بَقَايَا الْخَوَارِجِ الْقَرَامِطَةُ وَهُمُ الْبَاطِنِيَّةُ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ وَالْمَلَاحِدَةُ وَأَضْرَابُهُمْ.
(غَرِيبَةٌ عَجِيبَةٌ)
ذَكَرَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ فِي لَقْطِ الْمَرْجَانِ قَالَ: ذُكِرَ فِي كِتَابِ نُزْهَةِ الْمُذَاكَرَةِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: حَضَرْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَتْلَ الْحَرُورِيَّةِ بِالنَّهْرَوَانِ، فَالْتَمَسَ عَلِيٌّ ذَا الثُّدَيَّةِ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَالَ: اطْلُبُوهُ فَوَجَدُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: نَحْنُ نَعْرِفُهُ هَذَا قُوصٌ وَأُمُّهُ هَاهُنَا. فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ لَهَا: مَنْ أَبُو هَذَا؟ قَالَتْ: مَا أَدْرِي إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا لِأَهْلِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ، فَغَشِيَنِي شَيْءٌ كَهَيْئَةِ الظُّلَّةِ فَحَبَلْتُ مِنْهُ فَوَلَدْتُ هَذَا. انْتَهَى. تَعْنِي أَنَّ أَبَاهُ مِنَ الْجِنِّ، وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ)
عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ - أَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ كَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ. قَالَ بَعْضُ مُحَقِّقِي عُلَمَائِنَا: قَدِ اتَّفَقَ عَلَى بَيْعَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَامَّةُ مَنْ حَضَرَ الْمَدِينَةَ مِنَ الْبَدْرِيِّينَ وَالْأَنْصَارِ كَاجْتِمَاعٍ أَهْلِ السَّقِيفَةِ عَلَى بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute