للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ حَدِيثَ الْبَرَاءِ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا حِسًّا، وَقَوْلَ الزُّهْرِيِّ فِيمَنْ شَهِدَهَا بِالْعَدَدِ حُكْمًا مِمَّنْ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْعَدَدِ الْأَوَّلِ الْأَحْرَارُ، وَبِالثَّانِي بِانْضِمَامِ مَوَالِيهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ. وَإِذَا تَحَرَّرَ هَذَا فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ فَقَدْ عَدَّ ثَمَانِيَةَ أَنْفُسٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدُوهَا، وَإِنَّمَا ضَرَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ بِسِهَامِهِمْ، لِكَوْنِهِمْ تَخَلَّفُوا لِضَرُورَاتٍ لَهُمْ، وَهُمْ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَطَلْحَةُ، وَسَعِيدٌ، وَالْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو لُبَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ نَفْسًا، سِتَّةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَثَمَانِيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ. وَقُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ سَبْعُونَ، وَأُسِرَ سَبْعُونَ. وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إِنَّ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَرْوَاحَهُمْ فِي الْجَنَّةِ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذِ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً، فَقَالَ: يَا عِبَادِي مَاذَا تَشْتَهُونَ؟ فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا هَلْ فَوْقَ هَذَا مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: فَيَقُولُ عِبَادِي: مَاذَا تَشْتَهُونَ؟ فَيَقُولُونَ فِي الرَّابِعَةِ: تُرَدُّ أَرْوَاحُنَا فِي أَجْسَادِنَا فَنُقْتَلُ كَمَا قُتِلْنَا.

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ: «جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا -. قَالَ: كَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ» . وَرَوَى نَحْوَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ: كَذَا وَقَعَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ لَا ابْنِ خَدِيجٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ ابْنُ خَدِيجٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَنْ يَدْخُلَ النَّارَ رَجُلٌ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «اطَّلَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>