ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَيْسَ فِي غَزَوَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُعَادِلُ بَدْرًا، أَوْ يَقْرُبُ مِنْهَا إِلَّا غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقِيلَ: صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ غَيْرُ الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ، يَدُلُّ لَهُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ غُفِرَ لِلرَّكْبِ أَجْمَعِينَ إِلَّا رُوَيْكِبًا وَاحِدًا عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ الْتَفَّتْ عَلَيْهِ رِحَالُ الْقَوْمِ لَيْسَ مِنْهُمْ ". وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كُلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ ".
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَطُلِبَ فِي الْعَسْكَرِ، فَإِذَا هُوَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَالرَّجُلُ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، مِنْ أَهْلِ سَيْفِ الْبَحْرِ، يُظَنُّ أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقِيلَ لِسَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: وَيْحَكَ اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَغْفِرْ لَكَ. وَقَالَ جَابِرٌ: فَقُلْنَا لَهُ: تَعَالَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي، وَإِذَا هُوَ قَدْ أَضَلَّ بَعِيرًا لَهُ، فَانْطَلَقَ يَطْلُبُ بَعِيرَهُ بَعْدَ أَنِ اسْتَبْرَأَ الْعَسْكَرَ وَطَلَبَهُ فِيهِمْ، فَبَيْنَمَا هُوَ فِي جَبَلِ سُرَاوِعَ إِذْ زَلِقَتْ بِهِ نَعْلُهُ، فَتَرَدَّى فَمَاتَ فَمَا عُلِمَ بِهِ حَتَّى أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ» . وَقِصَّةُ هَذَا قَبْلَ الْبَيْعَةِ إِذْ هَذَا لَيْسَ مِنْ عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ ((الْأَوَّلُ) ظَاهِرُ كَلَامِ عُلَمَائِنَا أَنَّ أَفْضَلَ الصَّحَابَةِ بَعْدَ الْعَشَرَةِ أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، ثُمَّ الْأَنْصَارُ عَلَى قَدْرِ الْهِجْرَةِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، ثُمَّ سَائِرُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهُمْ رُتَبٌ، وَهَذَا الَّذِي قَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ خَيْرُ الْأُمَمِ، وَأَفْضَلَهُمُ الْقَرْنُ الَّذِي صَحِبُوهُ وَشَاهَدُوهُ وَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ وَنَصَرُوهُ، وَأَفْضَلَ الْقَرْنِ الَّذِي صَحِبُوهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً الَّذِينَ بَايَعُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَأَفْضَلَهُمْ أَهْلُ بَدْرٍ الَّذِينَ نَصَرُوهُ، وَأَفْضَلَهُمْ أَرْبَعُونَ فِي الدَّارِ كَنَفُوهُ - يَعْنِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ -، وَأَفْضَلَهُمْ عَشَرَةٌ عَزَّرُوهُ وَوَقَّرُوهُ، وَشَهِدَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَمَاتَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، وَأَفْضَلَ هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ، وَأَفْضَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute