للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالذَّبِّ عَنِ الْحَوْزَةِ وَلِهَذَا قَالَ ((يَذُبُّ)) - بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ - أَيْ يَدْفَعُ وَيَمْنَعُ ((عَنْهَا)) أَيْ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَبَيْضَةِ الدِّينِ ((كُلَّ)) مَلَكٍ جَبَّارٍ وَمُلْحِدٍ مِغْوَارٍ وَمُعْتَدٍ مِهْزَارٍ وَظَلُومٍ كَفَّارٍ ((ذِي)) أَيْ صَاحِبِ ((جُحُودٍ)) أَيْ إِنْكَارٍ يُقَالُ جَحَدَهُ حَقَّهُ وَبِحَقِّهِ كَمَنَعَهُ جَحْدًا وَجُحُودًا أَنْكَرَهُ مَعَ عِلْمِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْجَاحِدُ لِلدِّينِ الْقَوِيمِ وَالضَّالُّ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَأَضْرَابِهِ ((وَيَعْتَنِي)) ذَلِكَ الْإِمَامُ الْمَنْصُوبُ - يُقَالُ عَنَاهُ الْأَمْرُ يَعْنِيَهُ وَيَعْنُوهُ عِنَايَةً وَعَنَايَةً وَعُنِيًّا أَهَمَّهُ وَاعْتَنَى بِهِ اهْتَمَّ - ((بِالْغَزْوِ)) أَيْ غَزْوِ الْكُفَّارِ وَقَهْرِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَالْفُجَّارِ، يُقَالُ غَزَاهُ غَزْوًا أَرَادَهُ وَطَلَبَهُ وَقَصَدَهُ كَاغْتَزَاهُ وَغَزَا الْعَدُوَّ سَارَ إِلَى قِتَالِهِمْ وَانْتِهَابِهِمْ غَزْوًا وَغَزَوْنَاهُ فَهُوَ غَازٍ، فَيُقَاتِلُ مَنْ عَانَدَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الدَّعْوَةِ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْ يَدْخُلَ فِي الذِّمَّةِ ((وَ)) يَعْتَنِي الْإِمَامُ الْمَنْصُوبُ أَيْضًا بِإِقَامَةِ ((الْحُدُودِ)) جَمْعِ حَدٍّ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَالْفَصْلُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، وَحُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى مَحَارِمُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧] وَحُدُودُ اللَّهِ أَيْضًا مَا حَدَّهُ وَقَدَّرَهُ، وَالْحُدُودُ الْعُقُوبَاتُ الْمُقَدَّرَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِ الذَّنْبِ الَّذِي رُتِّبَتْ تِلْكَ الْعُقُوبَةُ عَلَيْهِ، أَوْ لِكَوْنِهَا زَوَاجِرَ عَنْهَا أَيِ الْمَحَارِمُ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَيُقِيمُ الْحُدُودَ لِتُصَانَ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الِانْتِهَاكِ وَتُحْفَظَ حُقُوقُ الْعِبَادِ مِنَ الْإِتْلَافِ وَالِاسْتِهْلَاكِ، ((وَ)) يَعْتَنِي أَيْضًا بِالْأَمْرِ بِـ ((فِعْلِ مَعْرُوفٍ)) ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ وَالنُّصُوصِ السَّمَاوِيَّةِ، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرِفَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ، وَكُلُّ مَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّرْعُ وَنَهَى عَنْهُ مِنَ الْمُحَسَّنَاتِ وَالْمُقَبَّحَاتِ، وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ أَيْ أَمْرٍ بِالْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا رَأَوْهُ لَا يُنْكِرُونَهُ، ((وَتَرْكِ نُكْرٍ)) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَيْ وَيَعْتَنِي أَيْضًا بِالنَّهْيِ عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ وَهُوَ ضِدُّ الْمَعْرُوفِ فَكُلُّ مَا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ وَحَرَّمَهُ وَكَرِهَهُ فَهُوَ مُنْكَرٌ ((وَ)) يَعْتَنِي الْمَنْصُوبُ بِـ ((نَصْرِ مَظْلُومٍ)) مِنْ ظَالِمِهِ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ نَحْوِ سِجْنِهِ وَرَدِّ ظُلَامَتِهِ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمِهِ، وَأَخْذِ حَقِّهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ((وَقَمْعِ)) أَهْلِ ((كُفْرٍ)) أَيْ قَهْرِهِمْ وَذُلِّهِمْ، يُقَالُ: قَمَعَهُ كَمَنَعَهُ وَأَقْمَعُهُ وَالْمَقْمُوعُ الْمَقْهُورُ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجَلِّ الْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمَصَالِحِ الْإِسْلَامِيَّةِ ((وَ)) يَعْتَنِي أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>