وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، فَكُلُّ هَؤُلَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَقُولُونَ فِي الْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ - وَنَاهِيكَ بِهِ: كُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، فَتَفْسِيرُهُ قِرَاءَتُهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَهُ إِلَّا اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَهَذَا مَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَفُضَلَاءِ الْأَئِمَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلِهَذَا قُلْتُ (فَاسْمَعْ) سَمَاعَ إِذْعَانٍ وَتَفَهُّمٍ وَامْتِثَالٍ وَتَعْلِيمٍ (مِنْ) مَنْطُوقِ (نِظَامِي) وَمَفْهُومِهِ، وَمُحْتَرَزِهِ وَمَعْلُومِهِ، (وَاعْلَمَا) فِعْلُ أَمْرٍ مُؤَكَّدٌ بِنُونِ التَّأْكِيدِ الْخَفِيفَةِ الْمُنْقَلِبَةِ أَلِفًا، أَيِ اعْلَمْ ذَلِكَ عِلْمَ تَحْقِيقٍ وَتَحْرِيرٍ وَتَدْقِيقٍ، وَاعْتَمِدْهُ وَاعْتَقِدْهُ، فَإِنَّهُ نَهْجُ سَلَفِ الْأُمَّةِ، وَسَبِيلُ أَحْبَارِ الْأَئِمَّةِ، (وَلَا نَرُدُّ ذَاكَ) الْوَارِدَ فِي الْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ، وَمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ الْمُرْسَلِ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ (بِالْعُقُولِ) ، بِضَرْبٍ مِنَ التَّأْوِيلِ أَوِ التَّمْوِيهِ وَالتَّضْلِيلِ، (لِـ) أَجْلِ (قَوْلِ) إِنْسَانٍ (مُفْتَرٍ) مِنَ الْفِرْيَةِ، وَهِيَ الْكَذِبُ، وَمِنْهُ " «فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ» "، أَيِ الْكَذِبَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى: {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ} [الممتحنة: ١٢] ، يُقَالُ: فَرَى يَفْرِي فَرْيًا، وَافْتَرَى يَفْتَرِي افْتِرَاءً إِذَا كَذَبَ، وَمُفْتَرٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْهُ، (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْقَوْلِ الَّذِي تَقَوَّلَهُ، وَالتَّأْوِيلِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ (جَهُولٍ) ، صِفَةٌ لِمُفْتَرٍ مِنْ صِفَاتِ الْمُبَالَغَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - سَمَّى نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَحَبَّةِ، فَقَالَ: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: ٧] ، وَقَالَ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦] ، وَقَالَ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤] ، وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٤]- وَ {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥]- وَ {يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: ١٤٦]- وَ {يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: ٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute