للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي حديث عمر [] (١) أن جبريل حين تَبدَّى له في صورة أعرابي فسأل عن الإسلام والإيمان والإحسان، قال له رسول الله فيما قال له: "خمس لا يعلمهن إلا الله "، ثم قرأ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ الآية [لقمان: ٣٤].

وقوله: (وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أي: يحيط علمه الكريم (٢) بجميع الموجودات، بَريها وبحريها (٣) لا يخفى عليه من ذلك شيء، ولا مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. وما أحسن ما قال الصّرْصَريّ:

فَلا يَخْفَى عليه الذَّر إمَّا … تَرَاءىَ للنواظر أو تَوَارى

وقوله: (وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا) أي: ويعلم الحركات حتى من الجمادات، فما ظنك بالحيوانات، ولا سيما المكلفون منهم من جنهم وإنسهم، كما قال تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر: ١٩].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن الرَّبيع، حدثنا أبو الأحْوَص، عن سعيد بن مسروق، عن حسان النمري، عن ابن عباس في قوله: (وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا) قال: ما من شجرة في بر ولا بحر إلا وملك موكل بها، يكتب ما يسقط (٤) منها.

وقوله: (وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) قال محمد بن إسحاق، عن يحيي بن النضر، عن أبيه، سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إن تحت الأرض الثالثة وفوق الرابعة من الجن ما لو أنهم ظهروا -يعني لكم -لم تروا معهم نورًا، على كل زاوية من زوايا الأرض (٥) خاتم من خواتيم الله، ﷿، على كل خاتم مَلَك من الملائكة يبعث الله، ﷿، إليه في كل يوم ملكا من عنده: أن احتفظ بما عندك.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المِسوَر الزهري: حدثنا مالك بن سُعَيْر، حدثنا الأعمش، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحَارث قال: ما في الأرض من شجرة ولا مغْرَز إبرة إلا عليها (٦) ملك موكل يأتي الله بعلمها: رطوبتها إذا رطبت، ويَبَسها إذا يبست.

وكذا رواه ابن جرير عن أبي الخطاب زياد بن عبد الله الحساني، عن مالك بن سعير، به (٧)

ثم قال ابن أبي حاتم: ذُكر عن أبي حذيفة، حدثنا سفيان، عن عمرو بن قيس، عن رجل عن


(١) زيادة من أ.
(٢) في م، أ: "العظيم".
(٣) في د: "بحرها وبرها".
(٤) في أ: "ما سقط".
(٥) في م، أ: "من زواياها".
(٦) في أ: "إلا وعليها".
(٧) تفسير الطبري (١١/ ٤٠٤).