للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونصرهم على عدوهم، والتفرقة (١) بين الحق والباطل، كما سيأتي بيانه.

والغرض: أنَّ رسول الله لما بلغه خروج النفير، أوحى الله إليه يَعدهُ إحدى الطائفتين: إما العير وإما النَّفير، ورغب كثير من المسلمين إلى العير؛ لأنه كسب بلا قتال، كما قال تعالى: (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ)

قال الحافظ أبو بكر بن مَرْدُويه في تفسيره: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا ابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران حدثه أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول: قال رسول الله ونحن بالمدينة: إني أخبرت عن عير أبي سفيان أنها مقبلة فهل لكم أن نخرج قبل هذه العير لعل الله يُغْنمناهَا؟ " فقلنا: نعم، فخرج وخرجنا، فلما سِرْنا يوما أو يومين قال لنا: " ما ترون في قتال القوم؛ فإنهم قد أخبروا بمخرجكم؟ " فقلنا: لا والله ما لنا طاقة بقتال العدو، ولكنا أردنا العير، ثم قال: " ما ترون في قتال القوم؟ " فقلنا مثل ذلك فقال المقداد بن عمرو: إذًا لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: ٢٤] قال: فتمنينا -معشر الأنصار-أن لو قلنا كما قال المقداد أحب إلينا من أن يكون لنا مال عظيم، قال: فأنزل الله على رسوله : (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ) وذكر تمام الحديث (٢)

ورواه ابن أبي حاتم، من حديث ابن لهيعة، بنحوه.

ورواه ابن مَرْدُوَيْه أيضًا من حديث محمد بن عمرو بن عَلْقَمة بن وقاص الليثي، عن أبيه، عن جده قال: خرج رسول الله إلى بدر، حتى إذا كان بالرَّوْحاء، خطب الناس فقال: " كيف تَرَون؟ " فقال أبو بكر: يا رسول الله، بلغنا أنهم بمكان كذا وكذا. قال: ثم خطب الناس فقال: " كيف ترون؟ " فقال عمر مثل قول أبي بكر. ثم خطب الناس فقال: " كيف ترون؟ " فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله إيانا تريد؟ فو الذي أكرمك [بالحق] (٣) وأنزل عليك الكتاب، ما سلكتها قط ولا لي بها علم، ولئن سرت [بنا] (٤) حتى تأتي "بَرْك الغماد" من ذي يمن لنسيرن معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون، ولعلك أن تكون خرجت لأمر، وأحدث الله إليك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك، فامض له، فَصِلْ حبال من شئت، واقطع حبال من شئت، وعاد من شئت، وسالم من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، فنزل القرآن على قول سعد: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ) الآيات.

وقال العَوْفي، عن ابن عباس: لما شاور النبي في لقاء العدو، وقال له سعد بن عبادة ما قال


(١) في د: "التفريق".
(٢) رواه الطبراني في المعجم الكبير (٤/ ١٧٤).
(٣) زيادة من م.
(٤) زيادة من أ.