للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العورات -وهي السوآت (١) وَالرِّيَاشُ وَالرِّيشُ: هُوَ مَا يُتَجَمَّلُ بِهِ ظَاهِرًا، فَالْأَوَّلُ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ، وَالرِّيشُ مِنَ التَّكَمُّلَاتِ وَالزِّيَادَاتِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: "الرِّيَاشُ" فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْأَثَاثُ، وَمَا ظَهَرَ مِنَ الثِّيَابِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -وَحَكَاهُ الْبُخَارِيُّ -عَنْهُ: الرِّيَاشُ: الْمَالُ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وعُرْوَة بْنُ الزُّبَيْرِ، والسُّدِّي وَالضَّحَّاكُ (٢)

وَقَالَ العَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "الرِّيَاشُ" اللِّبَاسُ، وَالْعَيْشُ، وَالنَّعِيمُ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: "الرِّيَاشُ": الْجَمَالُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أصْبَغُ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الشَّامِيِّ قَالَ: لَبِسَ أَبُو أُمَامَةَ ثَوْبًا جَدِيدًا، فَلَمَّا بَلَغَ تَرْقُوَتَه قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي. ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اسْتَجَدَّ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ (٣) فَقَالَ حِينَ يَبْلُغُ تَرْقُوَتَهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي (٤) ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي خَلُقَ أَوْ: أَلْقَى فَتَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، وَفِي جِوَارِ اللَّهِ، وَفِي كَنَفِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، [حَيًّا وَمَيِّتًا، حَيًّا وَمَيِّتًا] " (٥) .

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ أَصْبَغَ -هُوَ ابْنُ زَيْدٍ الْجُهَنِيُّ (٦) -وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِين وَغَيْرُهُ، وَشَيْخُهُ "أَبُو الْعَلَاءِ الشَّامِيُّ" لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ لَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ التَّمَّارُ، عَنْ أَبِي مَطَرٍ؛ أَنَّهُ رَأَى عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَتَى غُلَامًا حَدَثًا، فَاشْتَرَى مِنْهُ قَمِيصًا بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، وَلَبِسَهُ إِلَى مَا بَيْنَ الرُّسْغَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، يَقُولُ وَلَبِسَهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي مِنَ الرِّيَاشِ مَا أَتَجَمَّلُ بِهِ فِي النَّاسِ، وَأُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي. فَقِيلَ: هَذَا شَيْءٌ تَرْوِيهِ عَنْ نَفْسِكَ أَوْ عَنْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هَذَا شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ الْكِسْوَةِ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي (٧) مِنَ الرِّيَاشِ (٨) مَا أَتَجَمَّلُ بِهِ فِي النَّاسِ، وَأُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي " (٩)

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} قَرَأَ بَعْضُهُمْ: "ولباسَ التَّقْوَى"، بِالنَّصْبِ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، {ذَلِكَ خَيْرٌ} خَبَرُهُ.

وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: يُقَالُ: هُوَ مَا يَلْبَسُهُ الْمُتَّقُونَ يَوْمَ القيامة. رواه ابن أبي حاتم.


(١) في ك: "الشهوات".
(٢) في ك، م، أ: "والضحاك: الرياش: المال".
(٣) في م: "يلبسه".
(٤) في أ: "في الناس".
(٥) زيادة من أ.
(٦) المسند (١/٤٤) وسنن الترمذي برقم (٣٥٦٠) وسنن ابن ماجة برقم (٣٥٥٧) .
(٧) في أ: "كساني".
(٨) في م: "من اللباس".
(٩) المسند (١/١٥٧) قال الهيثمي في المجمع (٥/١١٩) : "فيه مختار بن نافع وهو ضعيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>