للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صحيح مسلم: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار" (١).

وأما أمة الأتباع، فهم المصدقون للرسل، كما قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠] وفي الصحيح: " فأقول: أمتي أمتي".

وتستعمل الأمة في الفرقة والطائقة، كقوله تعالى: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٩]، وقال تعالى: ﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ [آل عمران: ١١٣].

﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١)

يخبر تعالى عن الإنسان وما فيه من الصفات الذميمة، إلا من رحم الله من عباده المؤمنين، فإنه إذا أصابته شدة بعد نعمة، حصل له يأس (٢) وقنوط من الخير بالنسبة إلى المستقبل، وكفر وجحود لماضي الحال، كأنه لم ير خيرا، ولم يَرْج (٣) بعد ذلك فرجا. وهكذا إن (٤) أصابته نعمة بعد نقمة (لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي) أي: يقول: ما بقي ينالني بعد هذا ضيم ولا سوء، (إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) أي: فرح بما في يده، بطر فخور على غيره. قال الله تعالى: (إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا) أي: في الشدائد والمكاره، (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) أي: في الرخاء والعافية، (أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي: بما يصيبهم من الضراء، (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) بما أسلفوه في زمن الرخاء، كما جاء في الحديث: "والذي نفسي بيده، لا يصيب المؤمن هَمٌّ ولا غَمٌّ، ولا نَصَب ولا وَصَب، ولا حَزَن حتى الشوكة يشاكها، إلا كَفَّرَ اللهُ عنه بها من خطاياه" (٥) (٦)، وفي الصحيحين: "والذي نفسي بيده، لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته سراء فشكر كان (٧) خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له، وليس ذلك لأحد غير المؤمن" (٨) وهكذا قال الله تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [سورة العصر]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلا الْمُصَلِّينَ﴾ الآية [المعارج: ١٩ - ٢٢].


(١) صحيح مسلم برقم (١٥٣) من حديث أبي هريرة، .
(٢) في ت: "إياس".
(٣) في ت، أ: "ولا يرجوا".
(٤) في ت: "إذا".
(٥) في ت، أ: "ولا حزن إلا كفر الله بها من خطاياه حتى الشوكة يشاكها".
(٦) روى مسلم نحوه في صحيحه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد (٢٥٧٣) ومن حديث أبي هريرة وحده (٢٥٧٤).
(٧) في ت: "فكان".
(٨) صحيح مسلم برقم (٢٩٩) بلفظ: "عجبا للمؤمن إن أمره كله خير" من حديث صهيب الرومي وليس في صحيح البخاري.