للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَلا عَائد ذَاكَ الزّمَانُ الذي مَضَى … تباركت ما تَقْدرْ يَكُنْ، فَلَكَ الأمْرُ

ومنه قوله تعالى: ﴿فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ [القمر: ١٢]، أي: قدر.

وقوله: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) قال ابن مسعود: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل. وكذا روي عن ابن عباس (١)، وعمرو بن ميمون، وسعيد بن جُبَير، ومحمد بن كعب، والضحاك، والحسن، وقتادة.

وقال سالم بن أبي الجعد: ظلمةُ حُوت في بطن حوت (٢)، في ظلمة البحر.

قال ابن مسعود، وابنُ عباس وغيرهما: وذلك أنه ذهب به الحوتُ في البحار يَشُقُّها، حتى انتهى به إلى قرار البحر، فسمع (٣) يونسُ تسبيح الحصى في قراره، فعند ذلك وهنالكَ قال: (لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ)

وقال عوف: لما صار يونس في بطن الحوت، ظن أنه قد مات، ثم حرك رجليه فلما تحركت سجد مكانه، ثم نادى: يا رب (٤)، اتخذت لك مسجدًا (٥) في موضع ما اتخذه (٦) أحد.

وقال سعيد بن الحسن البصري: مكث في بطن الحوت أربعين يومًا. رواهما (٧) ابن جبير.

وقال محمد بن إسحاق بن يَسَار، عمن حدثه، عن عبد الله بن رافع -مولى أم سلمة-سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله : " لما أراد الله حَبْسَ يونس في بطن الحوت، أوحى الله إلى الحوت أن خذه، ولا تخدش لحما ولا تكسر عظما، فلما انتهى به إلى أسفل البحر، سمع يونس حسًا، فقال في نفسه: ما هذا؟ فأوحى الله إليه، وهو في بطن (٨) الحوت: إن هذا تسبيح دواب البحر. قال: فَسَبَّح وهو في بطن الحوت، فسمع (٩) الملائكة تسبيحه فقالوا: يا ربنا، إنا نسمع صوتًا ضعيفًا [بأرض غريبة] (١٠) قال: ذلك عبدي يونس، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر. قالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عملٌ صالح؟. قال: نعم". قال: "فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذفه في الساحل، كما قال الله ﷿: (١١) ﴿وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٥].

ورواه ابن جرير (١٢)، ورواه البزار في مسنده، من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة، فذكره بنحوه، ثم قال: لا نعلمه يروى عن النبي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد (١٣)، وروى ابن عبد الحق من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سَلمَة (١٤)،


(١) في ف: "ابن مسعود".
(٢) في ف، أ: "حوت آخر".
(٣) في ت، أ: "حتى يسمع"، وفي ف: "حتى سمع".
(٤) في ت: "رب الحوت".
(٥) في ت: "مسجد".
(٦) في ف، أ: "ما أخده".
(٧) في ت: "رواها".
(٨) في ف: "وهو ببطن".
(٩) في ف، أ: "فسمعت".
(١٠) زيادة من ف، أ.
(١١) في ت: "الله تعالى".
(١٢) تفسير الطبري (١٧/ ٦٥).
(١٣) مسند البزار برقم (٢٢٥٤) "كشف الأستار".
(١٤) في ت، ف: "مسلم".