للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٦)

يقول تعالى منكرًا على المشركين في اتخاذهم الأنداد آلهة مع الله، يبتغون بذلك أن تنصرهم تلك الآلهة وترزقهم وتقربهم إلى الله زلفى.

قال الله تعالى: (لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ) أي: لا تقدر الآلهة على نصر (١) عابديها، بل هي أضعف من ذلك وأقل وأذل وأحقر وأدخر، بل لا تقدر على الانتصار لأنفسها، ولا الانتقام ممن أرادها بسوء؛ لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل.

وقوله: (وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ): قال مجاهد: يعني: عند الحساب، يريد أن هذه الأصنام محشورة مجموعة يوم القيامة، محضرة عند حساب عابديها؛ ليكون ذلك أبلغ في خِزْيهم، وأدل عليهم في إقامة الحجة عليهم.

وقال قتادة: (لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ) يعني: الآلهة، (وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ)، والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرًا، ولا تدفع عنهم سوءا، إنما هي أصنام.

وهكذا قال الحسن البصري. وهذا القول حسن، وهو اختيار ابن جرير، .

وقوله: (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) أي: تكذيبهم لك (٢) وكفرهم بالله، (إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) أي: نحن نعلم جميع ما هم عليه، وسنجزيهم وصْفَهم ونعاملهم (٣) على ذلك، يوم لا يفقدون من أعمالهم جليلا ولا حقيرًا، ولا صغيرًا ولا كبيرًا، بل يعرض عليهم جميع ما كانوا يعملون قديمًا وحديثًا.

﴿أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠)

قال مجاهد، وعِكْرِمَة، وعروة بن الزبير، والسُّدِّي. وقتادة: جاء أُبي بن خلف [لعنه الله] (٤) إلى رسول الله وفي يده عظم رميم وهو يُفَتِّتُه ويذريه (٥) في الهواء، وهو يقول: يا محمد، أتزعم أن الله يبعث هذا؟ فقال: "نعم، يميتك الله ثم يبعثك، ثم يحشرك إلى النار". ونزلت هذه الآيات من آخر "يس": (أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ)، إلى آخرهن.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا عثمان بن سعيد الزيات، عن هُشَيْم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير (٦)، عن ابن عباس، أن العاصى (٧) بن وائل أخذ عظما من البطحاء ففتَّه بيده، ثم قال لرسول الله : أيحيي الله تعالى هذا بعد ما أرى؟ (٨) فقال رسول الله : "نعم، يميتك الله ثم يحييك، ثم يدخلك جهنم". قال:


(١) في أ: "نصرة".
(٢) في أ: "ذلك".
(٣) في أ: "ونقابلهم".
(٤) زيادة من س، أ.
(٥) في أ: "ويذروه".
(٦) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بسنده".
(٧) في ت، س، أ: "العاص".
(٨) في أ: "أرم".