للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأسْبَابِ) أي: إن كان لهم ذلك فليصعدوا في الأسباب.

قال ابن عباس، ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم: يعني طرق السماء.

وقال الضحاك: فليصعدوا إلى السماء السابعة.

ثم قال: (جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ) أي: هؤلاء الجند المكذبون الذين هم في عزة وشقاق سيهزمون ويغلبون ويكبتون كما كبت الذين من قبلهم من الأحزاب المكذبين وهذه كقوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ وكان ذلك يوم بدر ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٤: ٤٦].

﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُولَئِكَ الأَحْزَابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (١٤) وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥) وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (١٦)

يقول تعالى مخبرا عن هؤلاء القرون الماضية، وما حل بهم من العذاب والنكال والنقمات في مخالفة الرسل وتكذيب الأنبياء وقد تقدمت قصصهم مبسوطة في أماكن متعددة.

وقوله: (أُولَئِكَ الأحْزَابُ) أي: كانوا أكثر منكم وأشد قوة وأكثر أموالا وأولادا فما دافع (١) ذلك عنهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك (٢) ولهذا قال: (إِنْ كُلٌّ إِلا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ) فجعل علة هلاكهم هو تكذيبهم بالرسل فليحذر المخاطبون من ذلك أشد الحذر.

وقوله: (وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ) (٣) قال مالك عن زيد بن أسلم: أي ليس لها مثنوية أي: ما ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها أي: قد اقتربت ودنت وأزفت وهذه الصيحة هي نفخة الفزع التي يأمر الله إسرافيل أن يطولها، فلا يبقى أحد من أهل السماوات والأرض إلا فزع إلا من استثنى (٤) الله ﷿.

وقوله: (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) هذا إنكار من الله على المشركين في دعائهم على أنفسهم بتعجيل العذاب، فإن القط هو الكتاب وقيل: هو الحظ والنصيب.

قال ابن عباس ومجاهد والضحاك والحسن وغير واحد: سألوا تعجيل العذاب -زاد قتادة كما قالوا: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢]


(١) في ت، أ: "دفع"، وفي س: "لما دفع".
(٢) في أ: "الله".
(٣) في أ: "وما ينظرون" وهو خطأ.
(٤) في أ: "شاء".