للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي بعينيه (١)، قال: فوالله ما تنخم رسول الله [] (٢) نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذ توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون النظر إليه، تعظيما له ، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على كسرى وقيصر والنجاشي، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدون النظر إليه تعظيما له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشْد فاقبلوها. فقال رجل منهم من بني كنانة: دعوني آته. فقالوا: ائته فلما أشرف على النبي وأصحابه، قال النبي : "هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البُدْن، فابعثوها له" فبُعِثَتْ له، واستقبله الناس يُلَبُّون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت. فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البُدْن قد قُلِّدت وأشعرت، فما أرى أن يُصَدُّوا عن البيت. فقال (٣) رجل منهم يقال له: "مِكْرَز بن حفص"، فقال: دعوني آته. فقالوا: ائته. فلما أشرف عليهم قال النبي : "هذا مكرز [بن حفص] (٤) وهو رجل فاجر"، فجعل يكلم النبي ، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهل بن عمرو.

وقال معمر: أخبرني أيوب، عن عِكْرِمَةَ أنه قال: لما جاء سهل بن عمرو قال النبي : "قد سَهُل لكم من أمركم".

قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهل بن عمرو فقال: هات أكتب بيننا وبينك (٥) كتابا فدعا النبي الكاتب، فقال النبي : " [اكتب] (٦): بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال سهل [بن عمرو] (٧): أما "الرحمن" فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: "باسمك اللهم"، كما كنت تكتب. فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا "بسم الله الرحمن الرحيم". فقال النبي : "اكتب: باسمك اللهم". ثم قال: "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله". فقال سهل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: "محمد بن عبد الله"، فقال النبي : "والله إني لرسول الله وإن كذبتموني. اكتب محمد بن عبد الله" قال الزهري: وذلك لقوله: "والله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها". فقال له النبي : "على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به". فقال سهل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضُغْطَةً، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهل: "وعلى أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا". فقال المسلمون: سبحان الله! كيف يُرَدُّ إلى المشركين وقد جاء مسلما؟! فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهل


(١) في ت: "بعينه".
(٢) زيادة من ت.
(٣) في أ: "فقام".
(٤) زيادة من أ.
(٥) في ت: "بينكم".
(٦) زيادة من أ.
(٧) زيادة من ت، م.