للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو قِلابَة: جاء سيل باليمامة فذهب بمال رجل، فقال رجل من الصحابة: هذا المحروم.

وقال ابن عباس أيضا، وسعيد بن المسيَّب، وإبراهيم النخعي، ونافع -مولى ابن عمر-وعطاء بن أبي رباح (المحروم): المحارف.

وقال قتادة، والزهري: (الْمَحْرُوم): الذي لا يسأل الناس شيئا، قال الزهري وقد قال رسول الله : "ليس المسكين بالطوَّاف الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يُفطن له فيتصدق عليه".

وهذا الحديث قد أسنده الشيخان في صحيحيهما من وجه آخر (١).

وقال سعيد بن جبير: هو الذي يجيء وقد قُسِّم المغنم، فيرضخ له.

وقال محمد بن إسحاق: حدثني بعض أصحابنا قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز في طريق مكة فجاء كلب فانتزع عمر كتف شاة فرمى بها إليه، وقال: يقولون: إنه المحروم.

وقال الشعبي: أعياني أن أعلم ما المحروم.

واختار ابن جرير أن المحروم: [هو] (٢) الذي لا مال له بأي سبب كان، قد ذهب ماله، سواء كان لا يقدر على الكسب، أو قد هلك ماله أو نحوه (٣) بآفة أو نحوها.

وقال الثوري، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد؛ أن رسول الله بعث سرية فغنموا، فجاء قوم لم يشهدوا الغنيمة فنزلت هذه الآية: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٤).

وهذا يقتضي أن هذه مدنية، وليس كذلك، بل هي مكية شاملة لما بعدها.

وقوله: (وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ) أي: فيها من الآيات الدالة على عظمة خالقها وقدرته الباهرة، مما قد ذرأ فيها من صنوف النبات والحيوانات، والمهاد والجبال، والقفار والأنهار والبحار، واختلاف ألسنة الناس وألوانهم، وما جبلوا عليه من الإرادات والقوى، وما بينهم من التفاوت في العقول والفهوم والحركات، والسعادة والشقاوة، وما في تركيبهم من الحكم في وضع كل عضو من أعضائهم (٥) في المحل الذي هو محتاج إليه فيه؛ ولهذا قال: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ): قال قتادة: من تفكر في خلق نفسه عرف أنه إنما خلق ولينت مفاصله للعبادة.

ثم قال: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ) يعني: المطر، (وَمَا تُوعَدُونَ) يعني: الجنة. قاله ابن عباس،


(١) صحيح البخاري برقم (٤٥٣٩) وصحيح مسلم برقم (١٠٣٩) من طريق شريك بن عبد الله عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا.
(٢) زيادة من م.
(٣) في م: "أو ثمرة".
(٤) رواه الطبري في تفسيره (٢٦/ ١٢٥).
(٥) في م، أ: "أجسادهم".