﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ [الأعراف: ٩٦] وعلى هذا يكون معنى قوله: (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) أي: لنختبرهم، كما قال مالك، عن زيد بن أسلم:(لِنَفْتِنَهُمْ) لنبتليهم، من يستمر على الهداية ممن يرتد إلى الغواية؟.
ذكر من قال بهذا القول: قال العوفي، عن ابن عباس:(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) يعني بالاستقامة: الطاعة. وقال مجاهد:(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) قال: الإسلام. وكذا قال سعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وعطاء، والسدي، ومحمد بن كعب القرظي.
وقال قتادة:(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) يقول: لو آمنوا كلهم لأوسعنا عليهم من الدنيا.
وقال مجاهد:(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) أي: طريقة الحق. وكذا قال الضحاك، واستشهد على ذلك بالآيتين اللتين ذكرناهما، وكل هؤلاء أو أكثرهم قالوا في قوله:(لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) أي لنبتليهم به.
وقال مقاتل: فنزلت في كفار قريش حين مُنعوا المطر سبع سنين.
والقول الثاني:(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) الضلالة (لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) أي: لأوسعنا عليهم في الرزق استدراجا، كما قال: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤] وكقوله: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٥، ٥٦] وهذا قول أبي مِجلز لاحق بن حُمَيد؛ فإنه في قوله:(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) أي: طريقة الضلالة. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، وحكاه البغوي عن الربيع بن أنس، وزيد بن أسلم، والكلبي، وابن كيسان. وله اتجاه، ويتأيد بقوله:(لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ)