للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (١٩) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (٢٠) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٢) إِلا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (٢٣) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (٢٤)

يقول تعالى آمرًا عباده أن يُوَحِّدوه في مجال عبادته، ولا يُدْعى معه أحد ولا يشرك به (١) كما قال قتادة في قوله: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) قال: كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبِيَعِهِم، أشركوا بالله، فأمر الله نبيه أن يوحدوه وحده.

وقال ابن أبي حاتم: ذكر علي بن الحسين: حدثنا إسماعيل بن بنت السدي، أخبرنا رجل سماه، عن السدي، عن أبي مالك -أو أبي صالح-عن ابن عباس في قوله: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) قال: لم يكن يوم نزلت هذه الآية في الأرض مسجد إلا المسجد الحرام، ومسجد إيليا: بيت المقدس.

وقال الأعمش: قالت الجن: يا رسول الله، ائذن لنا نشهد معك الصلوات في مسجدك. فأنزل الله: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) يقول: صلوا، لا تخالطوا الناس.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا مهران، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن محمود عن سعيد بن جبير: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ) قال: قالت الجن لنبي (٢) الله : كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناءون [عنك] (٣)؟، وكيف نشهد الصلاة ونحن ناءون عنك؟ فنزلت: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (٤)

وقال سفيان، عن خُصَيْف، عن عكرمة: نزلت في المساجد كلها.

وقال سعيد بن جبير. نزلت في أعضاء السجود، أي: هي لله فلا تسجدوا بها لغيره. وذكروا عند هذا القول الحديث الصحيح، من رواية عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، ، قال: قال رسول الله : " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -أشار (٥) بيديه إلى أنفه-واليدين والركبتين وأطراف القدمين" (٦)

وقوله: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) قال العوفي، عن ابن عباس يقول: لما سمعوا النبي يتلو القرآن كادوا يركبونه؛ من الحرص، لما سمعوه يتلو القرآن، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل يقرئه: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ يستمعون القرآن.

هذا قول، وهو مروي عن الزبير بن العوام، .

وقال ابن جرير: حدثني محمد بن معمر، حدثنا أبو مسلم، عن أبي عَوَانة، عن أبي بشر،


(١) في م: "ولا يشرك به أحدًا".
(٢) في م: "قالت الجن للنبي".
(٣) زيادة من م.
(٤) تفسير الطبري (٢٩/ ٧٣)
(٥) في م: "وأشار".
(٦) رواه البخاري في صحيحه برقم (٨١٢)، صحيح مسلم برقم (٤٩٠).