للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال السدي: (لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) يقول: عهدي نبوتي.

فهذه أقوال مفسري السلف في هذه الآية على ما نقله ابن جرير، وابن أبي حاتم، رحمهما الله تعالى. واختار ابن جرير أن هذه الآية -وإن كانت ظاهرة في الخبر -أنه لا ينال عهد الله بالإمامة ظالما. ففيها إعلام من الله لإبراهيم الخليل، ، أنه سيوجد من ذريتك من هو ظالم لنفسه، كما تقدم عن مجاهد وغيره، والله أعلم.

﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى (١٢٥)

قال العوفي، عن ابن عباس: قوله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ) يقول: لا يقضون منه وطرًا، يأتونه، ثم يرجعون إلى أهليهم، ثم يعودون إليه.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (مَثَابَةً لِلنَّاسِ) يقول: يثوبون.

رواهما (١) ابن جرير.

وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي، أخبرنا عبد الله بن رجاء، أخبرنا إسرائيل، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ) قال: يثوبون إليه ثم يرجعون. قال: وروي عن أبي العالية، وسعيد بن جبير-في رواية -وعطاء، ومجاهد، والحسن، وعطية، والربيع بن أنس، والضحاك، نحو ذلك. وقال ابن جرير: حدثني عبد الكريم بن أبي عمير، حدثني الوليد بن مسلم قال: قال أبو عمرو -يعني الأوزاعي -حدثني عبدة بن أبي لبابة، في قوله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ) قال: لا ينصرف عنه منصرف وهو يرى أنه قد قضى منه وطرًا.

وحدثني يونس، عن ابن وهب، قال: قال ابن زيد: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ) قال: يثوبون إليه من البُلْدان كلها ويأتونه.

[وما أحسن ما قال الشاعر في هذا المعنى، أورده القرطبي (٢):

جعل البيت مثابًا لهم … ليس منه الدهر يقضون الوَطَرْ] (٣)

وقال سعيد بن جبير -في الرواية الأخرى -وعكرمة، وقتادة، وعطاء الخراساني (مَثَابَةً لِلنَّاسِ) أي: مجمعا.

(وَأَمْنًا) قال الضحاك عن ابن عباس: أي أمنًا للناس.


(١) في جـ، ط: "رواه".
(٢) تفسير القرطبي (٢/ ١١٠).
(٣) زيادة من جـ، ط، أ.