للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) أي: ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه، غير تائبين ولا نازعين.

قال ابن إسحاق: فلما نزل القرآن بهذا من الأمر، وفرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه من الشَّفَق قبض رسول الله العير والأسيرين، وبعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان، فقال رسول الله : لا نُفْديكموهما حتى يقدم صاحبانا -يعني سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غَزْوان -فإنا نخشاكم عليهما، فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم. فقدم سعد وعتبة، فأفداهما رسول الله منهم.

فأما الحكم بن كيسان فأسلم وحسُن إسلامه، وأقام عند رسول الله حتى قتل يوم بئر معونة شهيدًا. وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة، فمات بها كافرًا.

قال ابن إسحاق: فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن، طَمعُوا في الأجر، فقالوا: يا رسول الله، أنطمع أن تكون لنا غزوة نُعطَى فيها أجر المجاهدين [المهاجرين] (١)؟ فأنزل الله ﷿: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فوضعهم الله من ذلك على أعظم الرجاء.

قال ابن إسحاق: والحديث في هذا عن الزهري، ويزيد بن رُومان، عن عروة.

وقد روى يونس بن بُكَيْر، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير قريبًا من هذا السياق. وروى موسى بن عقبة عن الزهري نفسه، نحو ذلك.

وروى شعيب بن أبي حَمزة، عن الزهري، عن عروة بن الزبير نحوا من هذا أيضًا، وفيه: فكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين، فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على رسول الله بالمدينة فقالوا: أيحلّ القتالُ في الشهر الحرام؟ فأنزل الله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ [قِتَالٍ فِيهِ] (٢)) الآية. وقد استقصى ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب "دلائل النبوة".

ثم قال ابن هشام عن زياد، عن ابن إسحاق: وقد ذكر عن بعض آل عبد الله [بن جحش] (٣) أن الله قسم الفيء حين أحلَّه، فجعل أربعة أخماس لمن أفاءه، وخمسًا إلى الله ورسوله. فوقع على ما كان عبد الله بن جحش صنع في تلك العير (٤).

قال ابن هشام: وهي أول غنيمة غنمها المسلمون. وعمرو بن الحضرمي أول من قتل المسلمون، وعثمان بن عبد الله، والحكم بن كَيْسان أول من أسر المسلمون (٥).

قال ابن إسحاق: فقال أبو بكر الصديق، ، في غزوة عبد الله بن جحش، ويقال: بل عبد الله بن جحش قالها، حين قالت قريش: قد أحلّ محمد وأصحابه الشهر الحرام، فسفكوا فيه


(١) زيادة من جـ.
(٢) زيادة من جـ، ط.
(٣) زيادة من أ.
(٤) السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٦٠٥).
(٥) السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٦٠٥).