للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يعني في زوال الدنيا وفنائها، وإقبال الآخرة وبقائها.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافسي، حدثنا أبو أسامة، عن الصعَّق العيشي (١) قال: شهدت الحسن -وقرأ هذه الآية من البقرة: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ قال: هي والله لمن تفكر فيها، ليعلم أن الدنيا دار بلاء، ثم دار فناء، وليعلم أن الآخرة دار جزاء، ثم دار بقاء.

وهكذا قال قتادة، وابن جُرَيْج، وغيرهما.

وقال عبد الرزاق عن مَعْمَر، عن قتادة: لتعلموا فضل الآخرة على الدنيا. وفي رواية عن قتادة: فآثرُوا الآخرة على الأولى.

[وقد ذكرنا عند قوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ١٩٠] آثارًا كثيرة عن السلف في معنى التفكر والاعتبار] (٢).

﴿فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠)

وقوله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأعْنَتَكُمْ) الآية: قال ابن جرير:

حدثنا سفيان بن وَكِيع، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: لما نزلت: ﴿وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الإسراء: ٣٤] و ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء: ١٠] انطلق من كان عنده يتيم فعزَل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضُل له الشيء من طعامه فيُحبَس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله ، فأنزل الله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ) فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم (٣).

وهكذا رواه أبو داود، والنسائي، وابن أبي حاتم، وابن مَرْدويه، والحاكم في مستدركه من طرق، عن عطاء بن السائب، به (٤). وكذا رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وكذا رواه السدي، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس -وعن مرة، عن ابن مسعود -بمثله. وهكذا ذكر (٥) غير واحد في سبب نزول هذه الآية كمجاهد، وعطاء، والشعبي، وابن أبي ليلى، وقتادة، وغير واحد من السلف والخلف.

قال وَكِيع بن الجراح: حدثنا هشام الدَّسْتَوائي (٦) عن حماد، عن إبراهيم قال: قالت عائشة:


(١) في جـ، أ، و: "التميمي".
(٢) زيادة من جـ.
(٣) تفسير الطبري (٤/ ٣٥٠).
(٤) سنن أبي داود برقم (٢٨٧١) وسنن النسائي (٦/ ٢٥٦) والمستدرك (٢/ ٢٧٨).
(٥) في جـ: "وهكذا رواه".
(٦) في جـ: "حدثنا صاحب الدستوائي"، وفي أ: "حدثنا هشام صاحب الدستوائي".