للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجدًا شديدًا، فأنزل الله: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (١).

قال أبو حاتم الرازي: لو كان هذا عند زيد بن أسلم، عن ابن عمر لما أولع (٢) الناس بنافع. وهذا تعليل منه لهذا الحديث.

وقد رواه عبد الله بن نافع، عن داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عمر -فذكره.

وهذا محمول على ما تقدم، وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها، لما رواه النسائي أيضًا عن علي بن عثمان النفيلي، عن سعيد بن عيسى، عن المفضل (٣) بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل، عن كعب بن علقمة، عن أبي النضر: أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر: إنه قد أكثر عليك القول: إنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن قال: كذبوا علي، ولكن سأحدثك كيف كان الأمر: إن ابن عمر عرض المصحف يومًا وأنا عنده، حتى بلغ: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فقال: يا نافعُ، هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت (٤): لا. قال: إنا كنا معشر قريش نُجبِّي (٥) النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار، أردنا منهن مثل ما كنا نريد فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود، إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (٦).

وهذا إسناد صحيح، وقد رواه ابن مردويه، عن الطبراني، عن الحسين بن إسحاق، عن زكريا (٧) بن يحيى الكاتب العمري، عن مفضل بن فضالة، عن عبد الله بن عياش (٨) عن كعب بن علقمة، فذكره. وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحا، وأنه لا يباح ولا يحل كما سيأتي، وإن كان قد نسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم، وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب السر (٩) وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك، . وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه؛ فقال الحسن بن عرفة:

حدثنا إسماعيل بن عياش (١٠) عن سهيل (١١) بن أبي صالح، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول الله : "استحيوا، إن الله لا يستحيي من الحق، لا يحل مأتى النساء في حشوشهن" (١٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن عبد (١٣) بن شداد عن رجل عن خزيمة بن ثابت: أن رسول الله نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها (١٤).


(١) سنن النسائي الكبرى برقم (٨٩٨١).
(٢) في جـ: "لما ولع".
(٣) في جميع المخطوطات: "الفضل"، والصواب ما أثبتناه.
(٤) في جـ، أ: "قال".
(٥) في أ: "نجب".
(٦) سنن النسائي الكبرى برقم (٨٩٧٨).
(٧) في أ: "عن أبي زكريا".
(٨) في أ: "عباس".
(٩) في أ: "السير".
(١٠) في أ: "عباس".
(١١) في جـ، أ: "عن سهل".
(١٢) ورواه الدارقطني في السنن (٣/ ٢٨٨) من طريق الحسن بن عرفة به.
(١٣) في جـ، أ: "عن عبد الله".
(١٤) المسند (٥/ ٢١٥) وسنن النسائي الكبرى برقم (٨٩٨٥، ٨٩٨٦) وسنن ابن ماجة برقم (١٩٢٤) وانظر الاختلاف فيه في: سنن النسائي (٥/ ٣١٦ - ٣١٩).