للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن نقول: إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- لم تدعه العناية غرضًا للوساوس الصغيرة التي تناوش غيره من سائر الناس، وإنه لو لم يقم الملكان بشق صدره لما كان أبدًا غرضًا للوساوس، بل لكان مثله كمثل جميع الرسل الذين اصطفاهم الله من عباده وطهر قلوبهم من الوساوس دون أن تشق صدورهم.

وإنما أراد الله بهذه الحادثة الفريدة في نوعها أن تتوجه الأنظار والقلوب إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- في طفولته وبعد بعثته. ويعرف الناس عنه أن عناية خاصة تحيط به وتميزه عن غيره، وأن العناية التي أحيت الموتى وأبرأت الأكمه والأبرص على يدي المسيح -عليه السلام- هي العناية التي شقت صدر محمد -صلى الله عليه وسلم- ثم أرجعته في لحظات إلى حالته الطبيعية. وهذا شأن المعجزات التي لا تخضع ولا ترتبط بالأسباب العادية.

ولا ينبغي بأي حال أن تحمل القصة على أنها من الأساليب المجازية، لأن سياق القصة والتعبير بلفظ: "جاءني رجلان عليهما ثياب بيض"، وكلمة "فأضجعاني وشقا بطني"، وفرار أخيه من الرضاعة فزعًا مما رأى، ومجيء السيدة حليمة هي وزوجها بعد أن أخبرهما ولدهما بما أصاب أخاه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ومقابلتهما لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وهو منتقع لونه، وحكايته للقصة مرة ثانية بنفس هذه


= ولما لم تكن من قرينة، ولا امتناع من مراد الظاهر، امتنع التأويل، وفيهن فقيهة الفقيهات أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- التي من نظر فيها استدركته على الصحابة علم مقدار فقهها.
ثم لما ماتت من ليست بأطولهن يدًّا -على رواية المستدرك- وخبر الصادق لا يتخلف، توجب صرف اللفظ عن ظاهره بإرادة معنى الصدقة.
وهنا أسأل:
ما المانع من إرادة الظاهر والحقيقة؟!
وما القرينة المحتمة صرف اللفظ عن ظاهره؟!
وفيما سيأتي زيادة كذلك.

<<  <   >  >>