للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا شك أن هذه الرحلة كان لها أثر كبير في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلقد وسعت أفقه وزادت من تجاربه، وفتحت بين يديه أبوابًا من الأمل الواسع في مستقبل عظيم ومجد كبير.

ومن ذلك شهوده حرب الفجار وحلف الفضول.

أما حرب الفجار فقد شهدها محمد -صلى الله عليه وسلم- مع أعمامه وكان عمره خمسة عشر عامًا١، فكان يناول أعمامه السهام أحيانًا ويقاتل معهم أحيانًا أخرى.. وكانت هذه الحرب بين كنانة وقيس.

وقد انضمت قريش إلى كنانة دفاعًا عن قداسة الأشهر الحرم ومكانة أرض الحرم، واستمرت هذه الحرب أربعة أعوام، ثم انتهت بالصلح بين الفريقين٢.

وأما حلف الفضول، فهو ميثاق كريم يدعو إلى الدفاع عن الحقوق وحماية المستضعفين. وقد عقدته قريش بعد رجوعها من حرب الفجار في دار عبد الله ابن جدعان بمكة، وتعاهدت فيه أن تحمي الضعفاء والمظلومين حتى يأمن كل إنسان على ماله وعياله، وقد رفع هذا الحلف مكانة قريش بين قبائل العرب،


١ هذا قول ابن هشام عن أبي عبيدة النحوي، عن أبي عمرو بن العلاء، ١/ ١٩٥، ثم نقل عن ابن إسحاق ١/ ١٩٨ أن الحرب هاجت وللنبي -صلى الله عليه وسلم- عشرون سنة.
وانظر "البداية" ٢/ ٢٨٩.
وقد أخرج ابن سعد ١/ ١٢٦ - ١٢٧ من طرق واهية أنه كان ابن عشرين.
ولعل الجمع أنه كان أول ما حضرها ابن خمسة عشر في أولها، فلما انتهت كان قد قارب العشرين، والله أعلم.
وسيؤيد هذا الكلام ما يأتي.
٢ وذلك بدعوة قام بها عتبة بن ربيعة، كما في "طبقات ابن سعد" ١/ ١٢٨، و"البداية" ٢/ ٢٩٠ لابن كثير، وغيرها.

<<  <   >  >>