للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو جهل، فرددت عليه جواره، وما زلت في نزاع وخصام مع أعداء الله حتى أعز الله الإسلام١.

وتتعدد الروايات حول إسلام عمر. ولكنها تتفق جميعًا على أن عمر خرج يريد شرًّا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو على الأقل لم يكن يريد الدخول في الإسلام ولكن الله وجهه وهداه، فكان إسلامه فتحًا ونصرًا كبيرًا وحدثًا قويًّا اهتزت له قريش خوفًا وفزعًا.

وفي الحق لقد قوي المسلمون واشتد ساعدهم بدخول حمزة وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- في الإسلام، لما كان عليه من الشجاعة والإقدام، ولما كان لهما في مكة من مكانة ممتازة، ولا سيما عمر، فقد كانت قريش تخافه وتهابه، ولذلك اهتزت قلوبهم هلعًا وضاقوا بإسلامهما ذرعًا، فسلكوا سياسة عنيفة مليئة بالأحداث الجسام للقضاء على هذه الفئة المسلمة مما أدى إلى الهجرة الثانية لبلاد الحبشة.


١ قد أخرج ابن إسحاق هذه الواقعة عن عمر مع بعض اختلاف، ولفظه:
حدثني نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر قال: أي قريش أنقل للحديث. فقيل له: جميل بن معمر الجمحي. فغدا عليه، فغدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل، وأنا غلام أعقل كل ما رأيت، حتى جاءه فقال: أعلمت يا جميل أني أسلمت ودخلت في الإسلام.
فوالله ما راجعه، حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر، واتبعته أنا، حتى قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، ألا إن ابن الخطاب قد صبأ.
وعمر يقول من خلفه: كذب، ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وثاروا إليه، فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم ...
ثم ذكر بقية الخبر، وأن العاص بن وائل السهمي قال لمن اجتمع عليه: رجل اختار لنفسه أمرًا، فما تريدون، أترون بني عدي يسلمون لكم صاحبكم هكذا، فعندها تركوه، قال الحافظ ابن كثير في "البداية" ٣/ ٨٢ بعد أن ساقها من طريق ابن إسحاق: وهذا إسناد جيد قوي.

<<  <   >  >>