للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أوحى إليه بعد ذلك بتلك الآيات الكريمة وهي قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ} ١.

فلا شك أن هذه الآيات لا تؤيد مثل هذا الادعاء ولا تفيد وقوع مثل هذا الافتراء لأن الله يقول: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً} ٢.

وما دام الله قد ثبته على الحق فقد حال بينه وبين الافتراء على الله والركون إلى أعداء الحق.

وأما ما ساقه هؤلاء الكاذبون الذين وضعوا هذه القصة من الاستشهاد على وقوعها بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ٣.

وتفسيرهم التمني بالقراءة وتعزيزهم لهذا التفسير ببيت من الشعر يحكي قصة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ليلة مقتله فيقول:

تمنى كتاب الله أول ليلة ... وآخرها لاقى حمام المقادر

فهذه الآية الكريمة لا ينبغي أن يفسر التمني فيها بالقراءة؛ لأن هذا التفسير بعيد كل البعد عن المقصود، وليس له في الأساليب العربية وجود إلا في هذا البيت وحده، وفي ذلك دليل واضح على أن هذا البيت قد وضع لهذا


١ سورة الإسراء، الآية ٧٣.
٢ سورة الإسراء، الآية ٧٤.
وهذا الرد يصح تمامًا فيما لو كان المراد وقوع التثبيت ساعة الواقعة، لا بعدها، ولا دليل على أحد الأمرين.
٣ سورة الحج، الآية ٥٢.

<<  <   >  >>