للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-والله- أبناء الحرب ورثناها كابرًا عن كابرٍ.

وتبعه الباقون، فمدوا أيديهم إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- واحدًا بعد واحد يبايعون، وجاء بعدهم النساء يبايعن أيضًا.

ولما فرغوا من البيعة قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم أمراء".

فاختار القوم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس.

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لهؤلاء النقباء: "أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم، وأنا كفيل على قومي" ١.

وكذلك تمت البيعة الثانية وذهب كل إلى رحله في ظلام الليل، وهم على ثقة ويقين من أنه لا يعلم بهم أحد إلا الله.

ولم يكد نور الصباح يظهر حتى كان أمر تلك البيعة حديث قريش فبدأت نفوسهم تضطرب لما سمعت، وقلوبهم تمتلئ فزعًا لهذا الحادث الخطير، وصمموا على أن يحولوا بين محمد -صلى الله عليه وسلم- وبين الوصول إلى يثرب، حتى لا يعظم أمره فيها ويصبح خطرًا عليهم.

وهذا التحول في أمر الدعوة وصاحبها محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث أجمعوا أمرهم على أن


١ أسند ذلك ابن إسحاق، كما عند ابن هشام ٢/ ٤٧، وعنه الطبري ٢/ ٣٦٢، والبيهقي في "الدلائل" ٢/ ٤٤٥ وما بعدها.
وأخرج أحمد في مسنده ٢/ ٣٣٩، والبيهقي في "الدلائل" ٢/ ٤٤٢-٤٤٣ من حديث جابر نحو هذا المعنى، دون ذكر كلام العباس.
ومن تتبع روايات العقبة الثانية فإنها كثيرة جدًّا المذكور فحواها، وانظر: "طبقات ابن سعد" ١/ ٢٢١، "تاريخ الطبري" ٢/ ٣٦١، "الدرر في اختصار المغازي والسير" ٦٨، "تاريخ الإسلام" للذهبي ٢/ ٢٠٠، "البداية والنهاية" ٣/ ١٥٠، وابن سيد الناس ١/ ١٩٢، والنويري ١٦/ ٣١٢، و"الكامل" لابن الأثير ٢/ ٦٨، وغير ذلك.

<<  <   >  >>