للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ١.

وإذا كان القرآن الكريم لم يشر إلى نسيج العنكبوت، ولا إلى وجود حمامتين وحشيتين عند الغار، فإن كتب الحديث النبوي قد أشارت إلى شيء من ذلك، فقد ذكر أحمد في مسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما: أن أهل مكة لما اقتفوا أثر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد خروجه من مكة وصلوا إلى جبل ثور، فصعدوا فيه فمروا بالغار فرأوا على بابه نسيج العنكبوت فقالوا: لو دخل هنا أحد لم يكن نسيج العنكبوت على بابه٢.

على أننا يمكن أن نستشف من قوله سبحانه: {فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} أي أيده بعنايته، ومن قوله: {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} أن نسيج العنكبوت ووجود الحمامتين الوحشيتين وإخفاء هذه الأشياء لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه عن عيون الأعداء إنما هو أثر من عناية الله ورمز لجنود الله، إن جنود الله هي القوى التي يمتلئ بها الكون ويسخرها الله -إذا شاء- للقضاء على الظالمين، أو إعانة الضعفاء أو إغاثة الملهوفين، وقد يتمثل ذلك في إنسان أو حيوان أو طائر، أو أي كائن صغير أو كبير.


١ سورة التوبة، الآية ٤٠.
٢ "المسند" ٢/ ٢٧٩، وقد حسن الحافظ ابن كثير سند الحديث في "البداية" ٣/ ١٨١ وكذلك وقع ذكر العنكبوت والحمامتين، في حديث عن أنس بن مالك، وزيد بن أرقم، والمغيرة بن شعبة، عند البيهقي في "الدلائل" ٢/ ٤٨٢، وابن سعد ١/ ٢٢٩ وأبي نعيم رقم ٢٢٩، وابن عساكر كما عند ابن كثير في "السيرة" ٣/ ١٨١، وقال: هذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه، قلت: وهو ضعيف وقد جاء ذكر نسج العنكبوت من مرسل الحسن، كما في "البداية" ٣/ ١٨١ وحسنه الحافظ في الشواهد.
وفي الباب أكثر مما ذكرت، وفيما تقدم كفاية.

<<  <   >  >>