للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي، مروا بخيمة أم معبد الخزاعية، وكانت المرأة١ جلدة برزة٢ تحتبي وتقعد بفناء الخيمة ثم تسقي وتطعم، فسألوها تمرًا أو لحمًا يشترونه. فلم يصيبوا عندها شيئًا من ذلك، وإذا القوم مرملون٣، مسنتون٤.

فقلت والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى.

فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى شاة في كسر الخيمة فقال: "ما هذه الشاة يا أم معبد"؟

قالت: هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم. فقال "هل بها من لبن"؟

قالت: هي أجهد من ذلك، قال: "تأذنين لي أن أحلبها"؟

قالت: نعم، بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبًا. فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله، وقال: "اللهم بارك لها في شاتها"، قال:


= حبيش، وعند الطبراني في الأحاديث الطوال ٢٥/ ٣٠، وأبي نعيم في الدلائل رقم ٢٣٨، وعزاه السيوطي في الخصائص للبغوي وابن شاهين وابن منده وغيرهم،
قلت: وأخرجه كذلك البيهقي في الدلائل ١/ ٢٧٧، والبغوي في شرح السنة ٣٩٧٤، واللالكائي في أصول الاعتقاد ١٤٣٤، ١٤٣٧، وقد تكلمت على الإسنادين في الدرك بتخريج المستدرك، وذكرت أن الحديث يحسن من طريقيه، وانظر البداية ٣/ ١٩٢ وما بعدها، من إتيان هذه القصة عن غير أم معبد أيضًا، وترجيح الحافظ أن القصتين واحدة، وكذلك نقل هذا الترجيح عن البيهقي، وأسانيد القصص الأخرى قوية.
١ الجلدة: القوية.
٢ برزة: أي تبرز لا تحتجب احتجاب الشابات لكهولتها، وهي مع ذلك عفيفة عاقلة.
٣ المرملون: من نفد زادهم.
٤ مسنتون: أصابتهم سنة، أي مجاعة وجرب.

<<  <   >  >>