للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتفاجت١ ودرت واجترت فدعا بإناء لها يُربض الرهط٢ فحلب فيه ثجًّا حتى غلبه الثمال٣ فسقى لها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى ارتووا، وشرب -صلى الله عليه وسلم- آخرهم، فشربوا جميعًا عللا بعد نهل٤ثم حلب فيه ثانيًا عَودا على بدء، فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها، فقلما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد.

فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين لكم هذا والشاة عازبة ولا حلوبة في البيت؟ قالت: والله، إنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، قال: ذاك والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولو كنت وافقته يا أم معبد لالتمست أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا.٥

وتروي كتب السيرة ٦ أن هاتفًا من الجن أخبر أهل مكة بما وقع في خيمة أم معبد، فكان مما قال:

جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتي أم معبد

هما نزلا بالبر ثم ترحلَا ... فأفلح من أمسى رفيق محمد٧

لِيَهْنِ بني كعب مقامُ فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد٨


١ فرجت بين رجليها وتهيأت للحلب.
٢ أي يروي الجماعة نحو العشرة.
٣ الثمال: الرغوة.
٤ أي مرة بعد مرة.
٥ هكذا أورد القصة المؤلف، وقد اختصر شيئًا منها.
٦ قد جاءت هذه الأبيات في نفس الحديث الماضي.
٧ كذا في "الطبقات" ١/ ٢٣١، و"البداية" ٢/ ١٩٣، وأما في "دلائل أبي نعيم":
هما نزلا بالهدى واهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد
٨ سقط هذا البيت من "الطبقات الكبرى". وثبت في دلائل أبي نعيم. وزاد قبله:
فيا لقصي ما زوى الله عنهم ... به من فعال لا تجازى وسؤدد

<<  <   >  >>