للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توجهت جميعها في طريقها إلى الكعبة ما عدا الفيل الأكبر منها فإنه ظل جامدًا في مكانه، فإذا وجهوه إلى اليمن أسرع وهرول، وإذا وجهوه إلى الكعبة وقف ولم يتحول، وكأن الله قد ألهم ذلك الحيوان الأعجم بما تخبئه الحدثان، وما ينتظر ذلك الجيش المعتدي من خسف ونكال وهوان ...

وما كان مثل هذا الجيش القوي ليغلب أو يتراجع لولا قدرة القوي القاهر التي تجلت في هذه الآية الكبرى الباقية على الدهر، إذ أرسل الله إليهم طيرًا من البحر أمثال الخطاطيف، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره وحجران في رجليه -أمثال الحمص والعدس- لا تصيب منهم أحدًا إلا هلك وليس كلهم أصابت١.

وذعر الأحباش واستولى عليهم الرعب والذهول فخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ويسألوا عن الطريق إلى اليمن، فقال أعرابي٢ رآهم في هذه الحيرة، بعدما أنزل الله عليهم من نقمته:

أين المفر والإله الطالب ... والأشرم المغلوب ليس الغالب


١ "سيرة ابن هشام" ١/ ٥٤، و"الروض الأنف" ١/ ٢٧، و"دلائل النبوة" لأبي نعيم ١/ ١٤٩، و"دلائل النبوة" للبيهقي ١/ ١٢٢- ١٢٣، و"البداية والنهاية" ١/ ١٧٣، و"المواهب اللدنية" ١/ ١٠٣.
وقال السهيلي في "الروض الأنف" ١/ ٧٢:
وذكر النقاش أن الطير كانت أنيابها كأنياب السبع، وأكفها كأكف الكلاب.
وذكر البيهقي أن ابن عباس قال: أصغر الحجارة كرأس الإنسان، وكبارها كالإبل!
قال السهيلي:
وهذا الذي ذكره البرقي، ذكر ابن إسحاق في رواية يونس عنه.
وفي تفسير النقاش أن السيل احتمل جثثهم، فألقاها في البحر.
قلت: وسيأتي بعض ذلك.
٢ هو نفيل بن حبيب، فيما ذكر ابن إسحاق وغيره. وسيذكره المؤلف، انظر الحاشية الرابعة الآتية.

<<  <   >  >>