للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجعلوا يتساقطون بكل طريق، ويهلكون بكل مهلك، وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة، وكلما سقطت أنملة خرج وراءها الدم والقيح الكثير، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطير، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يقولون١.


١ انتهى إلى هنا النقل من سيرة ابن هشام، ومن ذكرنا القصة عندهم.
أقول:
ومع شهرة هذه الحكاية هكذا، فإنها لم تأت من طريق متصل يعتمد عليه ويصح به النقل. على هذا التفصيل، وإن كان الأصل صحيحًا بلا ريب بدليل القرآن.
وقد جاءت روايات أصح نقلًا من هذه الرواية أذكرها مع الكلام على أسانيدها:
أ- عن ابن عباس قال: "أقبل أصحاب الفيل، حتى إذا دنوا من مكة استقبلهم عبد المطلب، فقال لملكهم: ما جاء بك إلينا، ألا بعثت إلينا فنأتيك بكل شيء أردت.
فقال: أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله إلا آمن، فجئت أضيف أهله.
فقال: إنا نأتيك بكل شيء تريد، فارجع.
فأبى إلا أن يدخله، وانطلق يسير نحوه، وتخلف عبد المطلب فقام على جبل فقال: لا أشهد مهلك هذا البيت وأهله ثم قال:
اللهم إن لكل إله ... حلالًا فامنع حلالك
لا يغلبن محالهم ... أبدًا محالك
اللهم إن فعلت ... فأمر ما بدا لك
فأقبلت مثل السحابة من نحو البحر، حتى أظلتهم طيرًا أبابيل التي قال الله، عز وجل: {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} فجعل الفيل يعج عجًّا: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} .
أخرجه الحاكم ١/ ٥٣٥، والبيهقي ١/ ١٢٢ عنه، ورجاله ثقات إلا قابوس بن أبي ظبيان فهو لين الحديث، لكن يمكن تحسينه بشواهده.
وابن عباس، وإن لم يكن حاضرًا الواقعة، لكن من كان في مثل عمله يعتمد عليه في انتقاء الروايات.
ب- عن عبيد بن عمير قال:
"لما أراد الله -عز وجل- أن يهلك أصحاب الفيل، بعث عليهم طيرًا، نشأت من البحر، كأنها الخطاطيف، بلق، كل طير منها معه ثلاثة أحجار مجزعة، في منقاره حجر، وحجران في رجليه، ثم جاءت حتى صفت على رءوسهم، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها، فما من حجر وقع منها على رجل إلا خرج من الجانب الآخر ... "
أخرجه البيهقي في "الدلائل" ١/ ١٢٣ - ١٢٤ وابن أبي حاتم -كما في البداية =

<<  <   >  >>