للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود -عليه السلام- كان يأكل من عمل يده" ١.

وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كان زكريا -عليه السلام- نجارًا" ٢.

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشتغل بالتجارة ويشتغل كذلك برعي الغنم، وقد ذكر ذلك عن نفسه وعن بعض الأنبياء، فقال: "بعث موسى وهو راعي غنم، وبعث داود وهو راعي غنم، وبعثت وأنا أرعى غنم أهلي بأجياد" ٣.

فالإسلام لا يحارب الفقر بدعوة الأغنياء الموسرين إلى البر والإحسان فحسب، ولكنه يحاربه -كذلك- بدعوة الفقراء إلى العمل، ونبذ البطالة والكسل، حتى لا يكونوا عالة على المجتمع وسوسًا ينخر في عظامه، وبهذا العلاج القوي الفعال يمكن أن يستأصل ذلك الداء إذ تجتمع ضده قوتان، ويهاجم من ناحيتين، ويقع فريسة بين عدوين: الأموال التي ينفقها الأغناء في


١ "صحيح البخاري" رقم ١٩٦٦ من حديث المقدام.
٢ "صحيح مسلم" كتاب الفضائل باب ٤٩ رقم ١٦٩.
٣ رواه أبو داود والنسائي من طرق عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن ابن حزن، كما في "جامع المسانيد والسنن" ١٢/ ١٢٦، وإسناده صحيح.
وعزاه ابن حجر في "الفتح" ٤/ ٤٤١ للنسائي فقط.
ولكن أخرجه ابن سعد ١/ ١/ ٩٠، وابن المبارك ١١٧٧ كلاهما من طريق زهير، عن أبي إسحاق مرسلًا.
وشعبة هو شعبة، فلا يعلل بالإرسال.
ثم الحديث جاء عن أبي سعيد الخدري -دون ذكر داود- كما في "مجمع الزوائد" ٤/ ٦٥ وقال: رواه أحمد والبزار وفيه الحجاج بن أرطأة وهو مدلس.
فهذا شاهد يقويه.
وكذلك صح في البخاري عن أبي هريرة ٢٢٦٢ يرفعه: "ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم، فقال أصحابه: وأنت؟
قال: نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة".

<<  <   >  >>