للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورابعها: أن الملائكة لو اشتركت في القتال بهذا العدد الضخم ثم انجلت المعركة عن قتل سبعين من المشركين فحسب، لكان هذا موقفًا مخزيًا لملائكة الله، ولا اعتبر ذلك نصرًا للمشركين، وهزيمة للملائكة والمسلمين١.

وبذلك يتبين لنا أن الملائكة لم تنزل لقتال٢، وإنما نزلت لتثبيت القلوب وتقوية الإيمان، ومما يزيد هذا المعنى تأكيدًا وقوة، قول الله تعالى بعد ذلك:

{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ} ٣.

أي وما جعل الله إمدادكم بالملائكة لشيء من الأشياء إلا للبشرى لكم بأنكم ستنتصرون، ولتسكن وتطمئن بهذا الإمداد قلوبكم، حيث تدركون أن الله معكم، وأنكم أهل لرضاه، فيزاد إيمانكم وجهادكم. ويكون الأمر في قوله تعالى:

{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} .

أمرًا موجهًا إلى المؤمنين لا إلى الملائكة٤، ويكون المعنى: إذ يوحي ربك


١ سبحان الله!!
فعلى رأي المؤلف، لو بقي واحد من المشركين لكان عيبًا، لأن على الواحد منهم خمسة من الملائكة، وعليه، فما الحيلة في بقاء من كتب الله له أنه سيؤمن بعد بدر.
ومن قال بأن الملائكة نزلت لتبيد جميع الكفار، والملائكة كما قال الله: {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} .
وأنا أرد على المؤلف بجنس سؤاله فأقول:
أما كان يكفي أن ينزل السكينة في قلوب ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا مثلهم من الملائكة، فلا يتمكن من ذلك إلا خمسة آلاف؟!
فيا سبحان الله حين تتيه العقول، ولا تتقيد بالنصوص.
٢ بل نزلت له والله بنص الحديث، وظاهر القرآن.
٣ سورة الأنفال، الآية ٩، وانظر "زاد المسير" ١/ ٤٥٤ لابن الجوزي، وغيره من التفاسير لتعلم ضعف قول المؤلف.
٤ في تفسير الآية اختلاف بين المفسرين، من المخاطب بهذه الآية، لكن حتى لو لم يكن المخاطب الملائكة، فإنها لا تمنع من كون الملائكة نزلت قاتلت، فليعلم هذا.

<<  <   >  >>