للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا حمى الله بيته المحرم من عدوان الظالمين؛ لأنه البيت العتيق الذي كان مصدر الهدى والنور منذ رفع قواعده إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- فلما تغيرت الأحوال وعبد العرب الأصنام، وتركوا النور، وتخبطوا في الظلام، شاء الله ألا يطول عليهم الأمد في الظلام، وأراد بهم الخير فحمى هذا البيت من عدوان الأحباش ليعود إليه مجده التليد، ويتلألأ النور فيه من جديد، على يدي محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- نبي الإسلام الذي ولد في هذا العام١، ثم بعثه الله بعد ذلك هداية ورحمة للعالمين.


= وإنما الرجم بالأكف ونحوها، شبهه بالمرجوم الذي يرجمه الآدميون، أو من يعقل ويتعمد الرجم من عدو ونحوه، فعند ذلك يكون المقتول بالحجارة مرجومًا على الحقيقة.
ولما لم يكن جيش الحبشة كذلك، وإنما أمطروا حجارة، فمن ثم قال كأنه مرجوم، انتهى.
قلت: فأفاد التشبيه معنيين:
الأول: أن الطيور كانت متعمدة للرمي، كما يتعمد الراجم الرجم، وهذا من الإعجاز.
الثاني: شدة النكال الحاصل بالمقتول حتى كأنه رجم، وأصابته الحجارة الكثيرة في كل موضع، عبارة عن كثرة ما سقط عليهم من الحجارة.
١ كونه -صلى الله عليه وسلم- ولد عام الفيل، جاء من طرق متعددة:
عند أبي نعيم في "الدلائل" ١/ ١٤٤، وابن إسحاق في "السيرة" ١/ ١٥٩، والترمذي في سننه "٣٦٢٣" وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن إسحاق، والحاكم في "المستدرك" "٢/ ٦٠٣" وقال: صحيح على شرط مسلم، والبزار والطبراني كما في "مجمع الزوائد" ١/ ١٩٦، وابن سعد في "الطبقات" ١/ ١٠١.
ومجموع هذه الروايات يقتضي صحة ذلك.

<<  <   >  >>