للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- لهم، فتركوا موقفهم الحصين ونزلوا إلى مكان القتال ليجمعوا ما يستطيعون من تلك الأموال التي خلفها المشركون!.

وقد نصحهم رئيسهم عبد الله بن جبير بألا يتركوا مكانهم حرصًا على أوامر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يستمع إليه سوى نفر دون العشرة.

وانتهز خالد بن الوليد١ هذه الفرصة، وكان على فرسان مكة٢، فشد برجاله على مكان الرماة فقتل من ثبت منهم، وفاجأ المسلمين من ورائهم وهم مشغولون بدنياهم، فاستولى عليهم الرعب والفزع وسادت الفوضى في صفوفهم، حتى صار يضرب بعضهم بعضًا وانعكست الآية٣، فبعد أن كان المسلمون يقاتلون صفًّا كأنهم بنيان مرصوص، إذا بهم الآن يقاتلون مبعثرين متناكرين دون رئيس يوجههم أو قائد يرعاهم ... وشاع بين الناس أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- قد قتل، فعظمت البلية بين المسلمين، وفرح المشركون.

ولكن المسلمين عرفوا بعد ذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يزال حيًّا فأحاطوا به يدرءون عنه الأذى والعدوان، ويفتدونه بأنفسهم حتى ضربوا بذلك أروع الأمثال في الإيمان، ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الرغم من ذلك أصيبت رباعيته، وشج في جبهته، وجرحت شفته، ودخلت حلقتان من المغفر الذي يستر به وجهه في وجنته، واستمات المسلمون بعد ذلك في القتال ولكن دون جدوى، فاضطروا


١ وكان يومها لم يزل مشركًا مع الكفار.
٢ على ميمنة الجيش، أو إحدى فرقه.
٣ لا يحسن استعمال هذا التعبير، وقد درج عليه العلماء والعامة في كلامهم.

<<  <   >  >>