لا أتفق مع المؤرخين في اعتبار نتيجة غزوة أحد نصرًا للمشركين واندحارًا للمسلمين، لأن مناقشة المعركة عسكريًّا تظهر انتصار المسلمين، على الرغم من خسائرهم الفادحة بالأرواح في هذه المعركة ... وتبدأ المناقشات من الوجهة العسكرية البحتة لإظهار حقيقة نتائج غزوة أحد.
لقد انتصر المسلمون في ابتداء المعركة حتى استطاعوا طرد المشركين من معسكرهم والإحاطة بنسائهم وأموالهم، وتعفير لوائهم في التراب، ولكن التفاف خالد بن الوليد وراء المسلمين وقطع خط رجعتهم، وهجوم المشركين من الأمام جعل قوات المشركين تطبق من كافة الجوانب على قوات المسلمين، وهذا الموقف في المعركة جعل خسائر المسلمين تتكاثر، ولكن بقي النصر بجانبهم إلى الأخير، لأن نتيجة كل معركة عسكريًّا لا تقاس بعدد الخسائر بالأرواح فقط، بل تقاس بالحصول على هدف القتال الحيوي، وهو القضاء المبرم على العدو ماديًّا ومعنويًّا.
فهل استطاع المشركون القضاء على المسلمين ماديًّا ومعنويًّا؟
إن حركة خالد كانت مباغتة للمسلمين بلا شك، وقيام المشركين بالهجوم المقابل وإطباقهم على قوات المسلمين من كافة الجوانب وهم متفوقون بالعدد إلى خمسة أمثال المسلمين، لا يمكن أن يعد التفاف قوة متفوقة تفوقًا ساحقًا على قوة صغيرة أخرى من جميع جوانبها، ثم نجاة تلك القوة الصغيرة بعد إعطاء خسائر عشرة في المائة نصرًا، ولا يمكن اعتبار فشل القوة الكبيرة في القضاء على القوة الصغيرة ماديًّا ومعنويًّا، في مثل هذا الموقف الحرج للغاية إلا فشلًا