للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت: يا بنية، هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة١عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها٢ ...

قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت أبكي.

قالت: ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي٣، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله. قالت: فأما أسامة فأشار على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه. فقال: أهلك ولا نعلم إلا خيرًا.

وأما علي فقال: يار رسول الله، لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك. وقالت: فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بريرة فقال: "أي بريرة، وهل رأيت من شيء يريبك؟ " قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرًا قط أغمصه -أي أعيبه- قالت: فقام رسول الله من يومه فاستعذر من عبد الله بن أُبي وهو على المنبر فقال: "يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلًا٤ ما علمت عليه إلا خيرًا، وما يدخل على أهلي إلا معي".

ثم تقول السيدة عائشة: فبينما أبواي جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها. فجعلت تبكي معي، فبينما نحن على ذلك دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علينا فسلم. ثم جلس، ولم يكن يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرًا لا يوحى إليه في شأني بشيء.


١ أي جميلة.
٢ أي تكلمن عليها بما يعيبها.
٣ أي أبطأ وتأخر.
٤ يريد صفوان بن المعطل.

<<  <   >  >>